قَالَ: وَإِذا أَنا ذكرت فِي كَلَامي ابْتِدَاء الْمَرَض فَافْهَم مِنْهُ جَمِيع الزَّمَان الَّذِي بَين أول نقطة لَا عرض لَهَا كَأَن فِيهَا الْمَرَض وَبَين أول ظُهُور النضج: وَهَذَا الْوَقْت هُوَ الْوَقْت كُله الَّذِي لم يكن فِيهِ بعد نضج لِأَن تعرف هَذَا الِابْتِدَاء هُوَ الَّذِي يحْتَاج إِلَيْهِ فِي هَذِه الصِّنَاعَة لِأَنَّهُ يدل على أُمُور ألف هـ عَظِيمَة من أَمر الْمَرَض.
قَالَ: وَأَنا أجمل قولي فَأَقُول: يسْتَدلّ على أَوْقَات الْأَمْرَاض الْكُلية من الْأَمْرَاض أَنْفسهَا أَولا كم يكون مِقْدَار زمانها ثمَّ من أَوْقَات السّنة وَقِيَاس الأدوار بَعْضهَا إِلَى بعض ثمَّ مَعَ هَذِه الْأَشْيَاء كلهَا من العلامات الَّتِي تظهر بعد. وَأَشْرَفهَا عَلَامَات النضج الَّتِي بهَا يعرف حد الِانْتِهَاء وانقضاؤه على الصِّحَّة والحقيقة ثمَّ تتقدم فتعلم من قبل الِابْتِدَاء مَتى يكون الِانْتِهَاء بحدس مقرب يقرب من الْحَقِيقَة غَايَة الْقرب وكما أَن تعرف الِابْتِدَاء على الصِّحَّة وَالِاسْتِقْصَاء لَا يكون حَتَّى يَبْتَدِئ وَقت التزيد كَذَلِك لَا يلتئم تَحْدِيد وَقت التزيد على الصِّحَّة وَالِاسْتِقْصَاء دون أَن يَبْتَدِئ وَقت الْمُنْتَهى وَيَنْبَغِي أَن ترتاض أَولا فِي تعرف وَقت الْمُنْتَهى حِين يَبْتَدِئ ثمَّ ترتاض فِي)
أَن تتقدم فتعلم: مَتى يكون قبل أَن يكون.
لي يَقُول أَنه كَمَا أَن وَقت الِابْتِدَاء إِنَّمَا صَحَّ عنْدك حِين ظَهرت عَلَامَات النضج الدَّالَّة على أول التزيد كَذَلِك تعرف وَقت التزيد بِالصِّحَّةِ حِين تبتدئ العلامات الدَّالَّة على الِانْتِهَاء وَهِي كَمَال عَلَامَات النضج وبلوغ أَعْرَاض الْمَرَض غَايَته. وَإِذا تدربت فِي هَذِه دربة كَافِيَة أمكن أَن تحدس بعد على الْأَوْقَات قبل حُضُورهَا.
قَالَ: وَقد وصف أبقراط عَلَامَات الْمُنْتَهى قَالَ: إِن جَمِيع الْأَعْرَاض والنوائب فِي أول الْمَرَض وَآخره وأضعف مَا تكون وَفِي منتهاه أقوى مَا تكون.