قَالَ ج: إِذا رَأَيْت النوائب تتقدم وتطول أَكثر مِمَّا كَانَت وتشتد وتزداد فالمرض فِي صعُود. وَإِن كَانَت حَال النوائب بالضد فقد انحط الْمَرَض. وَرُبمَا رَأَيْت للمرض نوبتين هما أعظم جَمِيع نَوَائِب الْمَرَض قد تَسَاويا فتعلم أَنَّهُمَا مشتملتان على مُنْتَهى الْمَرَض. وَرُبمَا رَأَيْت نوبَة وَاحِدَة أعظم من كل نوبَة أَتَت قبلهَا وَتَأْتِي بعْدهَا فَيكون مُنْتَهى ألف هـ الْمَرَض فِيهَا وَحدهَا وَلَيْسَ يكَاد يتَّفق فِي الْأَمْرَاض الحادة أَن يلبث مُنْتَهى الْمَرَض ثَلَاث نَوَائِب. وَأما فِي الْأَمْرَاض المزمنة فقد يلبث مُنْتَهى الْمَرَض أَكثر من ثَلَاث نَوَائِب كثيرا فَبِهَذَا الطَّرِيق قف على أَوْقَات الْمَرَض الْكُلية فِي حَال كَونهَا وَإِذا كَانَت وفرغت وَإِذا قرب كَونهَا.
قَالَ: ويستدل عَلَيْهَا بطرِيق آخر يحْتَاج إِلَى أَن يقدم قبله لتصح أَشْيَاء من أَمر الْبَوْل وَالْبرَاز كَمَا تقدمنا فخبرنا بِهِ فِي البزاق.
لي قد بَين جالينوس فِي مَا مضى من كَلَامه الدّلَالَة على النضج من البزاق الدَّال على أَمر آلَات النَّفس. وتزيد أَن نبين ذَلِك فِي البرَاز لِأَنَّهُ دَال على حَال الْمعدة والأمعاء وَهُوَ الَّذِي يسميها الْبَطن الْأَسْفَل لِأَنَّهُ يُسمى مَا دون الْحجاب الْبَطن الْأَعْلَى. ونريد أَن نبين ذَلِك أَيْضا فِي الْبَوْل لِأَنَّهُ يدل على حَال الْعُرُوق وَمَا جانسها وَنحن نذْكر جمل ذَلِك.)
أما حَال النفث فَمَا يخص مِنْهُ ذَات الْجنب فِي بَاب ذَات الْجنب. وَمَا هُوَ عَام فَفِي بَاب تقدمة الْمعرفَة. ألف هـ وَأما البرَاز فَفِي بَاب تقدمة الْمعرفَة لي وَأما الْبَوْل فَفِي بَاب على حِدة نجود فهم هَذِه ليجود فهم مَا يَجِيء بعد بِأَن يتقدمه هَذَا.
لي بِمِقْدَار تقدم النضج وتأخره يكون طول الْوَقْت وَقصر الْوَقْت الَّذِي بَين الِابْتِدَاء والمنتهى وَلَا يدل على وَقت الانحطاط ذَلِك الدَّلِيل لِأَن النضج لَا يكون إِلَّا وَقد ذهب الِابْتِدَاء وَلَا يكمل غلا وَقد جَاءَ الِانْتِهَاء وَلَيْسَ يدل كَون النضج ضَرُورَة على أَنه يكون ضَرُورَة بحران لِأَنَّهُ لي أزمان الْأَمْرَاض فِي جَمِيع الْأَمْرَاض الَّتِي يكون الْفَاعِل لَهَا سوء مزاج مَعَ خلط مُتَعَلقَة بنضج ذَلِك فَإِن نضجه أول الانحطاط. وَفِي الَّتِي هِيَ من سوء مزاج فَقَط فانتهاؤها الْوَقْت الَّذِي تكون فِيهِ تِلْكَ الْأَعْرَاض اللَّازِمَة لذَلِك السوء المزاج فِي عنفوانها فأزمان الْأَمْرَاض هَهُنَا مُتَعَلقَة بِهَذَا الْوَقْت. فَأَما الَّتِي فِي انْتِقَاض الِاتِّصَال فَإِن ابتداءها هُوَ أعظم أَوْقَاتهَا وَمَا بعد ذَلِك انحطاطه كُله وَمن أجل مَا ذكرنَا مَتى كَانَ الْخَلْط الْفَاعِل أعْسر نضجاً كَانَ ذَلِك الْمَرَض أطول مُدَّة وعسر نضج الْخَلْط يكون إِمَّا لبعده من الطَّبْع كأصناف الكيموسات الردية الَّتِي لَا تجيب إِلَى النضج ليبسه كالسوداء أَو لبرده كالبلغم. وَلذَلِك صَارَت حميات الرّبع والنائبة كل يَوْم أطول زَمَانا لِأَن هذَيْن الخلطين لَا ينضجان إِلَّا فِي مُدَّة طَوِيلَة فَأَما حمى الدَّم فَإِنَّهَا أقصر وقتا من حمى الصَّفْرَاء لِأَنَّهَا أقرب نضجاً لَا لرقة الدَّم لَكِن لقُرْبه من الطَّبْع.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute