للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(الْحمى النائبة كل يَوْم) قَالَ عَلَامَات الِابْتِدَاء فِي هَذِه تلبث فِي بعض الحميات مُدَّة أَكثر وَفِي بَعْضهَا أقل وَكَذَلِكَ خَواص الِاضْطِرَاب فَإِن مُدَّة لبثها فِي بعض هَذِه الحميات رُبمَا كَانَت طَوِيلَة وَرُبمَا كَانَت قَصِيرَة ومنتهاها أطول من مُنْتَهى الغب فَإِن لَهَا فِي الْمُنْتَهى والانحطاط وقفات.

لي الِاضْطِرَاب يَعْنِي بِهِ الْوَقْت الَّذِي تختلط فِيهِ الْحَرَارَة والبرودة فِي الْبدن.

قَالَ: وَأما الحميات الَّتِي تكون مَعَ برد فوقت الْبرد فِيهَا أحد أَوْقَات النّوبَة. ٣ (وَقت الِابْتِدَاء) قَالَ: الورم الْحَار إِذا حصل فِي الْعُضْو من الدَّم شَيْء خَارج عَن الطَّبْع فَهُوَ ابْتِدَاء وَإِذا عفن مَا حصل واشتدت لذَلِك الْحَرَارَة كثر انصباب الدَّم وتولدت فِيهِ ريَاح نافخة فتمدد بِسَبَبِهَا وبسبب كَثْرَة الدَّم تمدد شَدِيد فَذَلِك الْوَقْت هُوَ التزيد. وَإِذا أقبل ذَلِك يَسْتَحِيل إِلَى الْمدَّة وَبَلغت الأوجاع فِي ذَلِك الْوَقْت غايتها وَهَذَا هُوَ وَقت الْمُنْتَهى فَإِذا اجْتمعت الْمدَّة وانفشت تِلْكَ الْمَادَّة حَتَّى يقل تمدد الْعُضْو وتصدده عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ فَذَلِك الانحطاط.

قَالَ: وَأما الحميات فَمَا كَانَ حُدُوثه بِسَبَب الورم الْحَار فأوقات تعرف بأوقات الورم وَمَا عرض مِنْهَا بِسَبَب عفونة الأخلاط بِلَا ورم فَهَذِهِ ابْتِدَاؤُهَا مَا دَامَت الأخلاط ألف هـ غير نضيجة فَإِذا بَدَأَ النضج انْقَضى وَقت الِابْتِدَاء وابتدأ وَقت الصعُود فَإِذا تمّ النضج وَفرغ كَانَ ذَلِك الْوَقْت وَقت الْمُنْتَهى. ثمَّ يتبع ذَلِك وَقت الانحطاط وَهُوَ الْوَقْت الَّذِي يقل فِيهِ حُدُوث الْأَعْرَاض الَّتِي يعرض فِيهَا النضج وتسكن شدتها وَتبقى مِنْهَا بَقِيَّة يسيرَة تحْتَاج إِلَى النضج.

قَالَ: والأوقات فِي القروح هَذِه الْأَوْقَات بِعَينهَا. وَذَلِكَ أَنه يخرج أَولا صديد رَقِيق مائي غير نضيج ثمَّ يجْرِي بعد ذَلِك مِنْهَا صديد أقل من الصديد الأول وَاغْلُظْ ثمَّ يستفرغ مِنْهَا بعدُ مِدّة رقيقَة ثمَّ أَن الْمدَّة تقل وتغلظ وتبيض.

قَالَ: وَكَذَلِكَ الرمد فَإِنَّهُ يجْرِي من الْعين فِي أول حُدُوثه صديد رَقِيق غير نضيج ثمَّ يسيل مِنْهَا بعد ذَلِك إِذا ابْتَدَأَ النضج صديد رَقِيق أقل من الصديد الأول وَأَغْلظ فَإِذا امْتَدَّ الزَّمَان نقصت كثرته وَغلظ قوامه وَكَثُرت الدَّلَائِل الَّتِي تدل على النضج حَتَّى أَنه تلتصق الأجفان مِنْهُم إِذا نَامُوا من الرمص الَّذِي يتَوَلَّد فِي الْعين وَهَذَا الرمص يكون فِي أول الْأَمر رَقِيقا كثيرا فَإِذا امْتَدَّ الزَّمَان وَقلت كميته دلّ على نضج الْعلَّة وَكَذَلِكَ أَيْضا الْموَاد الَّتِي تنحدر من الدِّمَاغ وتستفرغ من الحنك والمنخرين فَإِنَّهُ مَا دَامَ مبتدئاً كَانَ مَا يجْرِي مائياً كثيرا حاداً

<<  <  ج: ص:  >  >>