للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأما فِي الِانْتِهَاء فَإِن مَا يستفرغ مِنْهَا غليظ أقل كمية وَأَقل حِدة وَإِن استفرغ مِنْهُ المخاط كَانَ ذَلِك أصح.

قَالَ: فَأَما أَنا فتارك الْقَوْم الَّذين يتنازعون فِي مَا لَا ينفع الصِّنَاعَة فيبحثون عَن الِابْتِدَاء والانتهاء الَّذِي لَا عرض لَهُ. فَأَما أَنا فَإِنِّي قد وجدت للأمراض انْتِهَاء ذَا عرض وَهُوَ جَمِيع الْوَقْت الَّذِي يحس الْمَرَض فِيهِ لابثاً بِحَالهِ لَا يتزيد وَلَا ينتقص شَيْئا محسوساً ذَا قدر.

قَالَ: وَيَنْبَغِي أَن يسْتَعْمل فِي هَذِه الْمدَّة العلاجات الَّتِي تسْتَعْمل فِي الْمُنْتَهى.)

قَالَ: ومنتهى الْأَمْرَاض يكون فِي بَعْضهَا أطول وَفِي بَعْضهَا أقصر.

قَالَ: وَرُبمَا أمكنتنا مَعْرفَته وَرُبمَا لم يمكنا معرفَة ذَلِك إِلَى أَن يجوز وَيذْهب وَبعده بِوَقْت طَوِيل.

قَالَ: وَذَلِكَ يكون بِسَبَب قصر وَقت الْمَرَض فَإِن بعض الْأَمْرَاض يُوهم أَنَّهَا سَاعَة تبتدئ تكون فِي غَايَة شدتها وانتهائها وَذَلِكَ غير مُمكن لِأَنَّك لَا تَجِد حمى الدَّم تبلغ غَايَة شدتها سَاعَة تبتدئ ألف هـ وَلَكِن لَا بُد أَن يكون ذَلِك وَلَو كَانَ أحدّ مَا يكون ثَلَاث سَاعَات أَو أَرْبعا أقل شَيْء ثمَّ إِنَّهَا مُنْذُ ذَلِك تلبث بِحَالِهَا أَو تلبث مُسَاوِيَة الْأَمر إِلَى أَن يَأْتِي البحران.

وَلَا السكتة وَهِي أَشد الْأَمْرَاض حسا حَتَّى تكون حِين تحدث فِي غَايَة الشدَّة وَإِن كَانَت تَنْتَهِي بِسُرْعَة لَكِنَّهَا لَا بُد لَهَا من مُدَّة ابْتِدَاء. وَلَا الصرع يكون كالصاعقة بَغْتَة لَكِن يَبْتَدِئ قَلِيلا ثمَّ يتزيد سَرِيعا.

قَالَ: أَقُول: إِن لكل وَاحِد من الْأَمْرَاض ابْتِدَاء إِلَّا أَنه رُبمَا كَانَ محسوساً وَرُبمَا كَانَ ضَعِيفا. والتزيد أَيْضا لَيْسَ يتَبَيَّن للحس فِي جَمِيع الْأَمْرَاض فَأَما الْمُنْتَهى فمحسوس فِي جَمِيع الْأَعْرَاض لَا محَالة.

لي هَذَا هُوَ الْمُنْتَهى الصناعي لَا الوهمي. وَأما الانحطاط فمحسوس والأمراض الحادة جدا الَّتِي يسلم فِيهَا العليل إِنَّمَا يحس فِيهَا بالانتهاء والانحطاط وَالَّذِي لَا يسلم بالانتهاء يضيق وَقت الْمُبْتَدَأ والتزيد فِيهَا.

قَالَ: وَلَا يُمكن أَن تفهم نِهَايَة الْمَرَض الْقِتَال كَمَا تفهم نِهَايَة الْمَرَض السَّلِيم وَذَلِكَ أَن الْمَرَض السَّلِيم يبلغ وقتا تكون النوائب فِيهِ بِحَالِهَا لَا تزيد ويتبين فِيهَا النضج فَيعرف أَنه مُنْتَهى صَحِيح. فَأَما الْقِتَال فلأنّ النضج لَا يظْهر فِيهِ الْبَتَّةَ فِي وَقت من الْأَوْقَات وَرُبمَا قتل الْمَرِيض قبل أَن يصير النوائب بِحَال وَاحِدَة.

قَالَ وَيَنْبَغِي أَن تجيد التفقد وَذَلِكَ أَنه قد يَنْبَغِي أَن يكون بالمريض مرضان أَو ثَلَاثَة أَحدهَا قد انْتهى وَالْآخر لَا ثمَّ يَمُوت العليل. لَا من الْمَرَض الَّذِي قد انحط لَكِن من الْمَرَض الآخر. قَالَ وَأَجد التيقن عَن ذَلِك.

قَالَ: فَإِذا كَانَ الْمَرَض لَا يظْهر فِيهِ نضج فاصرف فكرك كُله إِلَى حَال الْقُوَّة من المبادئ

<<  <  ج: ص:  >  >>