قَالَ: وَمَتى احتفزت الطبيعة ليحدث البحران فأحدثت هَذِه العلامات كَانَ مَعَ ذَلِك دَلَائِل بَيِّنَة على النضج قد تقدّمت.
وَمَتى لم يكن يحفز الطبيعة ليحدث البحران برداءة الْمَرَض نَفسه وغلبته ظَهرت الْأَعْرَاض الردية من دَلَائِل النضج وَفِي أَكثر الْأَمر يَمُوت الَّذين يظْهر فيهم الْأَعْرَاض قبل النضج والأقل مِنْهُم يتَخَلَّص أما بالرعاف وَأما بنفث مُدَّة قد نَضِجَتْ نضجاً شَدِيدا.
الأولى من الْفُصُول من عَلَامَات البحران: القلق الَّذِي يَأْخُذ العليل بِلَا سَبَب مَعْرُوف والدموع وَحُمرَة الْعين وَالْوَجْه وَالْأنف وتورم أصل الْأذن والوجع فِي عُضْو والارتعاش والتمدد والخفقان فِي وَقت البحران إِن كَانَ البحران تَاما كَامِلا فَلَا تحرّك الطبيعة بدواء مسهل وَلَا بِغَيْرِهِ لَكِن دَعه وَالْعلَّة وَإِن كَانَ الاسستفراغ وَالدَّفْع نَاقِصا فأعن الطبيعة على استتمام فعلهَا لِأَن بقايا الْخَلْط الَّذِي يستفرغ يُوجب عودة الْعلَّة.
قَالَ: يحْتَاج البحران الْكَامِل إِلَى أَشْيَاء حَتَّى يكمل. الْكَائِن بالاستفراغ أفضل من الْكَائِن بالخراج وَأَن يستفرغ من الكيموس الْغَالِب وَأَن يستفرغ من نَاحيَة الْعلَّة وجانبها وَأَن يخف عَلَيْهِ الْبدن بعد وَأَن يكون بعد عَلَامَات النضج وان يكون قي يَوْم باحوري فبقدر مَا ينقص عَن هَذِه ينقص عَن أفضل البحران. ٣ (تَدْبِير البحران النَّاقِص) قَالَ: إِذا رَأَيْت الاستفراغ نَاقِصا أعن الطبيعة بالمسهل أَو بِغَيْرِهِ من الاستفراغ حَتَّى يكون مَا تَفْعَلهُ الطبيعة وتفعله أَنْت بالدواء بالإسهال وافياً باستفراغ الْخَلْط المودي.
الثَّانِيَة من الْفُصُول قَالَ: لم يُشَاهد مرض قطّ يَتَحَرَّك مُنْذُ أَوله حَرَكَة شَدِيدَة قَوِيَّة جَازَ الرَّابِع عشر وَلم يحدث فِيهَا أحد فِيهَا أَصْنَاف التَّغَيُّر الْأَرْبَعَة: وَهِي البحران الْجيد التَّام أَو النَّاقِص ومدته.
قَالَ: وَمن الْأَمْرَاض أمراض يكون لَهَا فِي بعض أَيَّام البحران بحران نَاقص ثمَّ يستتم البحران فِي الْيَوْم الَّذِي يَلِيهِ. إِذا عرض مرض قوي ثمَّ خف من غير أَن تكون لَهُ استفراغ مَا وَلَا ظهر فِيهِ عَلَامَات النضج وَلَا تغير بذلك الْخُف فَأَنْذر أَن الْمَرَض سيعاود شرا مِمَّا كَانَ وَإِذا ظَهرت العلامات المهولة والقلق وَقد تقدّمت عَلَامَات النضج فَلَا تخف الْبَتَّةَ بل اعْلَم أَنه سَيكون بحران جيد قريب.