الحميات الإعيائية أَكثر مَا يكون البحران فِيهَا بخراج فِي المفاصل وَإِلَى جَانب اللحيين. كَيفَ كَانَ الإعياء حَادِثا من تَلقاهُ نَفسه أَو للحركة وخاصة الإعياء الْكَائِن من تَلقاهُ نَفسه وَمن هَؤُلَاءِ أَيْضا من كَانَ بِهِ الضَّرْب من الإعياء الْكَائِن من كَثْرَة الأخلاط وَهُوَ التمددي إِلَّا أَن الْخراج إِلَى جَانب اللحى يكون فِي التمددي أَكثر لِأَن المفاصل لم تتعب وَلم تحم بالتعب وتتسع وحرارة الْحمى تشيل الأخلاط إِلَى الرَّأْس فيقبلها اللَّحْم الرخو الَّذِي فِي جَانب الْأذن. وَأما الإعياء الحركي فَإِن المفاصل تكون قد تعبت وضعفت فَفِي الْأَكْثَر تكون فِي هَذِه الْحَالة.
قَالَ: مَتى أحس مَرِيض فِي مَرضه بإعياء فتوقع لَهُ خراجاً فِي بعض مفاصله وخاصة إِلَى جَانب اللحى.
لى: لِأَنَّهُ قد قَالَ: إِن الإعياء خَاصَّة يكون الخراجات والإعياء الَّذِي يحس فِي الْمَرَض لَا يكون إعياء حركياً فكون الْخراج لذَلِك فِي هَذَا الْموضع أولى.)
قَالَ: من خرج من مَرضه ببحران غير وثيق إِن حدث فِي بعض مفاصله وجع أَو إعياء خرج فِيهِ خراج فَإِن كَانَ قد تقدم قبل مَرضه فأتعب عضوا مَا أَو أوجعهُ عُضْو مَا ثمَّ لم يكن لمرضه بحران باستفراغ فَإِن فِي ذَلِك الْعُضْو يكون خراج. وَهَذَا القَوْل إِنَّمَا هُوَ فِي الْأَمْرَاض الَّتِي فِيهَا البحارين بالخراج.
قَالَ: الْأَمْرَاض الَّتِي تجَاوز الْأَرْبَعين لَا يكون بحرانها بالاستفراغات وَلَا بالعرق لَكِن إِمَّا بالخراجات وَإِمَّا بالتحلل الْخَفي قَلِيلا قَلِيلا.
قَالَ: والعرق والاستفراغ يضعف مذ تجَاوز الْمَرَض عشْرين يَوْمًا ويضعف أَكثر بعد الثَّلَاثِينَ فضلا عَن الْأَرْبَعين.
قَالَ: الخراجات الَّتِي تحدث فِي الحميات إِذا لم تتحلل فِي الْأَيَّام الأول من أَيَّام البحران فالأمراض لَا محَالة تطول.
إِذا عرض اليرقان فِي الْحمى قبل السَّابِع فَهُوَ عَلامَة ردية وَلَيْسَ مَتى ظهر بعد السَّابِع فَهُوَ عَلامَة جَيِّدَة لَا محَالة لِأَن ظُهُوره قبل السَّابِع لَا يُمكن أَن يكون على سَبِيل دفع الطبيعة للمرار وقذفه إِلَى ظَاهر الْبدن فَيكون ذَلِك الآفة حلت بالكبد فَأَما الْحَادِث بعد السَّابِع فَيمكن أَن يكون لدفع الطبيعة وَيُمكن أَن يكون لآفة حلت بالكبد.
لى: يفرق بَينهمَا أَن الباحوري يكون فِي يَوْم باحوري ويتبعه سُكُون الْحمى وخفتها وَالْآخر كثيرا مَا يتبعهُ شدَّة الْحمى وصعوبتها.
قَالَ: إِذا عرض اليرقان فِي الحميات قبل السَّابِع فَذَلِك ردي لَا محَالة وَإِذا عرض بعد السَّابِع فِي التَّاسِع أَو الرَّابِع عشر فَذَلِك جيد إِلَّا أَن يكون فِي نَاحيَة الكبد صلابة.
لى: لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يدل على أَنه لم يكن لبحران بل لآفة فِي الكبد.