لي على مَا رَأَيْت يؤمي إِلَيْهِ جالينوس: إِذا كَانَ الْمَرَض شَدِيدا صعبا وَكَانَ حَال الْقُوَّة ضَعِيفا فَإِنَّهُ ينْتَقل إِلَى أصعب الْحَالَات فِي أسْرع الْأَوْقَات فَاعْلَم أَن بحرانه لَا يتَأَخَّر كثيرا وبقدر صعوبته يكون تقدم بحرانه وَمثل هَذَا الْمَرَض فِي الْأَكْثَر يتَقَدَّم أبدا يَوْم بحرانه. فَإِذا أَرَادَ أَن يكون فِي السَّابِع كَانَ فِي السَّادِس وبالضد. ٣ (البطيئة الساكنة الْحَرَكَة) قَالَ: وَلما رَأَيْت دَلَائِل الرعاف فِي فَتى ووثب مَعَ ذَلِك عَن فرَاشه لِأَنَّهُ رأى أَن حَيَّة حَمْرَاء تمشي فِي السّقف فخاف أَن تسْقط عَلَيْهِ وَظَهَرت حمرَة يسيرَة فِي الْجَانِب الْأَيْمن من مَنْخرَيْهِ وَجعلت تقَوِّي وتشتد أمرت أَن يحضر الطست لعلمي بِقرب وَقت الرعاف وَلما كَانَت تِلْكَ الْحمرَة فِي الْجَانِب الْأَيْمن أنذرت أَنه يكون من الْجَانِب الْأَيْمن فَلَمَّا أَدخل الْمَرِيض إصبعه فِي أَنفه وحكه تقدّمت بِأَن يوضع الطست بَين يَدَيْهِ فَأخْرج الْمَرِيض إصبعه مغموسة بِالدَّمِ وَلما كَانَ ذَلِك الرعاف بحركة من الطبيعة قَوِيَّة وحفز شَدِيد لِأَن الْمَرَض كَانَ مُؤْذِيًا وَلم يكن قد نضج بعد فاختلفت الطبيعة وَاجْتَهَدت فِي دَفعه علمت أَنه سَيكون مفرطا وَأمرت أَن تحضر المحاجم قَالَ فَلَمَّا رَأَيْت الدَّم قد جَاوز أَرْبَعَة أَرْطَال وَنصفا شكلته بانتصاب المحاجم وأدنيت من أَنفه خلا مبردا ممزوجا وأمرته أَن يستنشق مِنْهُ فَلَمَّا لم يَنْفَعهُ شَيْئا وضعت المحجمة على جَانِبه الْأَيْمن فَقطعت الدَّم من سَاعَته. ٣ (من محنة الطَّبِيب) قَالَ: الَّذِي يعرف قُوَّة الْمَرِيض وطبيعة الْمَرَض يبْدَأ فيقيس عظمه وكيفيته إِلَى الْقُوَّة فيستدل من ذَلِك فِي أَي رابوع يكون البحران وَكَيف يكون أجيداً أم رديا وَيقدر الْغذَاء بِحَسب ذَلِك.
وَقَالَ جالينوس فِي محنة الطَّبِيب: إِن مَرِيضا كَانَ بلغ من ضعفه أَنه كَانَ يغذي بِاللَّيْلِ فضلا عَن النَّهَار وَلما رَآهُ أمره أَلا يغذي الْبَتَّةَ لِأَنَّهُ علم أَن بحرانه قد حضر وَأَن مِقْدَار قوته بقى بذلك الْمِقْدَار من الزَّمَان فَلَمَّا من الْغذَاء ازْدَادَ اخْتِلَاطه وسهره وَلم يَجِيء البحران فِي الْوَقْت الَّذِي قدر جالينوس فلامه أَوْلِيَاء العليل وأومؤا إِلَيْهِ أَنه قد أَسَاءَ فِي منع الْغذَاء وَإِلَى أَنه كَانَ يجب أَن يغذي وينطل على رَأسه. فَلَمَّا تفقد جالينوس تَأَخّر بحرانه لم يجد فِي ذَلِك سَببا إِلَّا أَن الْبَيْت الَّذِي كَانَ فِيهِ شَدِيد الْبرد فَأمره أَن يسخن سخونة معتدلة وَيصب على بطن العليل دهن حَار إِلَى أَن يبْدَأ بِهِ الْعرق لِأَنَّهُ قدر أَن بحرانه يكون بعرق وأمنهم من الْخَوْف أَن يكون مِنْهُ شَيْء كثير لِأَنَّهُ علم ذَلِك وَتقدم إِلَيْهِم بِأَن يغذوه بعد الْعرق. فَلَمَّا فعلوا ذَلِك عرق وأقلعت الْحمى قَالَ: الْمَرَض الَّذِي يَنْقَضِي فِي الرَّابِع عشر يسْتَدلّ على انقضائه فِي الثَّالِث وَالرَّابِع دلَالَة ضَعِيفَة وَيدل على دلَالَة وَثِيقَة فِي السَّابِع وَالَّذِي فِي الْعشْرين فدلالته ضَعِيفَة قد يكون فِي الْحَادِي عشر وَبَيَان أمرهَا فِي الرَّابِع عشر وَالَّذِي بحرانه فِي السَّابِع وَالْعِشْرين
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute