وَلَيْسَ البحران إِنَّمَا هُوَ مَا يصير بِهِ الْمَرِيض إِلَى أَجود الْحَالَات أَو إِلَى أردى الْحَالَات لَكِن وَالَّذِي يصير بِهِ إِلَى بعض الْجَوْدَة أَو بعض الرداءة.
البحران الْجيد: لَا يَأْتِي إِلَّا بعد انْتِهَاء الْأَمْرَاض وَإِذا جَاءَ قبل انتهائها فَإِنَّمَا يَأْتِي لصعوبة الْعلَّة والعلامة وَيكون بحرانا رديا فَلذَلِك يضْطَر المريد معرفَة البحران أَن يكون عَارِفًا بنهاية الْمَرَض.
قَالَ أبقراط: الَّذين يهْلكُونَ سَرِيعا يكون البحران فيهم أسْرع وأخلاطهم أخف وَأحد والعلامات الدَّالَّة على البحران الْجيد لَا يجب أَن يكون فِي أول الْأَمر لِأَن البحران الْجيد يجب أَن يكون بعد النضج.
لي إِن مَا قَالَ فِي الأول مَا قَالَ فِي الَّذين يهْلكُونَ.
لَا يحْتَاج أَن يتنظر النضج إِذا ظَهرت الْأَسْبَاب الَّتِي تنذر بالبحران وَلم يكن البحران دلّ إِمَّا على موت وَإِمَّا على بحران تطول مدَّته وَإِمَّا على بحران غير موثوق بِهِ يسكن بِهِ الْمَرَض ويعادو عَاجلا.
إِذا كَانَ البحران قبل ظُهُور النضج فَإِنَّهُ إِن انْقَضى بِهِ الْمَرَض فَإِنَّهُ سيعود وَإِن كَانَ الْمَرَض قَوِيا كَانَت عودته قتالة. وَإِن كَانَ يَسِيرا كَانَ مُؤْذِيًا.
إِذا ظَهرت عَلَامَات البحران قبل النضج كَانَ رديا وبالضد وبحسب قُوَّة هَذِه الدَّلَائِل إِذا كَانَت تدل بعد النضج على الْجَوْدَة تكون دلالتها إِذا كَانَت قبل النضج على الرداءة.
قَالَ: وَكَثِيرًا مَا أردفت الْحمى قروحا فَكَانَ بِهِ بحرانها أَو كَانَ بهَا بحران قُرُوح آخر إِمَّا دَاخِلا وَإِمَّا خَارِجا.
من كتاب البحران قَالَ: العلامات الَّتِي تتقدم البحران تغير النَّفس والسدر والشعاع قُدَّام الْعين وَالْكرب ووجع الْفُؤَاد الصداع والوجع فِي بعض الْأَعْضَاء.
قَالَ: عَلَامَات البحران مَتى ظَهرت أنذرت بِكَوْن البحران ضَرُورَة إِمَّا خيرا وَإِمَّا شرا فَأَما عَلَامَات النضج فَإِنَّهَا عَلَامَات النضج فَإِنَّهَا تدل على أَن الْمَرَض سليم وَلَيْسَت تدل عَلَامَات النضج على بحران مزمع أَن يكون بذاتها لَكِن إِن كَانَ بعْدهَا عَلَامَات البحران وتحرك الْمَرَض)
بِشدَّة كَانَ البحران وَكَانَت جودته بِحَسب عَلَامَات النضج وَإِلَّا فقد يُمكن أَن يتَحَلَّل قَلِيلا قَلِيلا.
وَقَالَ: عَلَامَات النضج لَا تظهر فتدل على شَرّ أبدا وَأما عَلَامَات البحران فقد تدل على شَرّ وَذَلِكَ إِذا ظَهرت فِي وَقت ابْتِدَاء الْمَرَض أَو فِي تزيده. وَأَقُول: إِنَّه لم يظْهر قطّ فِي ابْتِدَاء الْمَرَض قبل ظُهُور عَلَامَات النضج عرق وَلَا قيء وَلَا اخْتِلَاف وَلَا غير ذَلِك كَانَ بِهِ بحران جيد للْمَرِيض وَإِذا ظَهرت العلامات المنذرة بِكَوْن البحران: مثل السدر والسهر واختلاط الْعقل وَنَحْو ذَلِك قبل النضج دلّت على الْمَرَض أَنه فِي غَايَة الرداءة فَلَا أَعْلَام البحران وَلَا البحران نَفسه جيدان بل رديان إِذا ظهرا قبل النضج. فَأَما عَلَامَات النضج فَلَو ظَهرت فِي أول سَاعَة من الْحمى فَهِيَ دَالَّة على خير.