للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أَخَذته فِي السَّاعَة الثَّامِنَة من اللَّيْلَة الثَّالِثَة عشرَة فعرقه يكون فِي الرَّابِع عشر وَليكن الْمَرِيض كلما استفرغ اسْتَوَى نَفسه وَحسن نبضه وخف بدنه واستراح فيمكث نَهَاره كُله يعرق عرقا كثيرا حارا فِي بدنه كُله مستويا ثمَّ تسكن عَنهُ الْحمى بالعشى سكونا تَاما.

أَقُول: إِن بحران هَذَا الْمَرِيض بحران صَحِيح وَإنَّهُ يجب أَن يغذي قَلِيلا قَلِيلا وَإِن هَذَا لَا يخَاف عَلَيْهِ عودة الْمَرَض لِأَن الْيَوْم الَّذِي كَانَ فِيهِ بحرانه يَوْم بحران صَحِيح وَقد اجْتمعت فِيهِ جَمِيع العلامات الدَّالَّة على البحران وَذَلِكَ أَنه لما كَانَ قد ظهر فِي الْحَادِي عشر عَلامَة تدل على النضج فَإِنَّهُ وَجب أَن يكون البحران الَّذِي كَانَ فِي الرَّابِع عشر منذرا بِهِ وَلما كَانَت فِي اللَّيْلَة الثَّالِثَة عشرَة صعوبة من الْمَرَض قبل نوبَة الْحمى وابتدأت الْحمى فِي تِلْكَ اللَّيْلَة بنافض واضطراب فِي النبض شَدِيد يدل على البحران ثمَّ جَاءَ عرق مَحْمُود كثير فقد وَجب أَن يُقَال: إِن ذَلِك البحران كَانَ بَينا وَلما لم تكن فِيهِ أَعْرَاض يخَاف مِنْهَا وَجب أَن يُقَال لَهُ: إِنَّه سليم وَلما لم يبْق من الْحمى بَقِيَّة وَجب أَن يُقَال: إِنَّه تَامّ وَإنَّهُ جيد وَالَّذِي بَقِي أَن يتَبَيَّن أَنه بحران صَحِيح لَا يعاود فِيهِ الْمَرَض.

وَهَذِه الْمعرفَة تحْتَاج أَن تُؤْخَذ من جَمِيع الْخِصَال الَّتِي ذَكرنَاهَا وَبَعض تِلْكَ الْخِصَال طبيعية الْيَوْم فَإنَّك إِن أفردت جَمِيع هَذِه الْخِصَال على حِدته وتقلب البحران إِلَى الْيَوْم الْخَامِس فِيهِ لم تكن صِحَّته على مِثَال هَذَا وَلَا قَرِيبا مِنْهُ وَإِنَّمَا يُحَقّق صِحَّته البحران يَوْم البحران وَهَذِه مَنْفَعَة أَيَّام البحران.

قَالَ: وَإِن ابتدأت جَمِيع العلامات على حَالهَا وغيرت يَوْم البحران نقص من صِحَة البحران نُقْصَانا كثيرا وَإِن كَانَت العلامات الْأُخَر الَّتِي تدل على البحران غير تَامَّة ثمَّ أضيف إِلَيْهَا يَوْم البحران صَحَّ البحران وَلَو لم يكن لأيام البحران إِلَّا هَذَا فَقَط لِأَنَّهُ يجْتَمع مَعَه أَكثر عَلَامَات البحران وَأَعْظَمهَا أَو كلهَا لقد كَانَ يجب لهَذَا وَحده أَن يُقَال: إِن طبيعة أَيَّام البحران غير طبيعة)

غَيرهَا من الْأَيَّام فَإِذا كَانَت مَعَ هَذَا قد تَتَغَيَّر هِيَ من نَفسهَا على صِحَة فكم بالحرى قد يحب أَن تَقول: إِن طبيعة أَيَّام البحران غير طبيعة تِلْكَ الْأَيَّام الْأُخَر الَّتِي لَا تعين على صِحَة البحران وَلَا تَجْتَمِع مَعهَا كثير من عَلَامَات البحران. قَالَ: أما أَنا فَأرى هَذَا.

قَالَ: وأرجع إِلَى الْمِثَال فِي الْمَرِيض الَّذِي كنت وصفت أَن عَلامَة البحران بَانَتْ فِي بَوْله فِي الْحَادِي عشر ثمَّ أَتَاهُ البحران فِي الرَّابِع عشر فلنضع الْآن: أَن البحران لم يَأْته فِي الرَّابِع عشر وَلكنه جَاوز ذَلِك الْيَوْم إِلَى الْخَامِس عشر ثمَّ ابْتَدَأَ بِهِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَة نافض وأصابه البحران فِي السَّادِس عشر لتعلم علما يَقِينا صِحَة قُوَّة يَوْم البحران.

أَقُول: إِنَّه إِذا كَانَ كَذَلِك لم يعرق الْمَرِيض عرقا مَحْمُودًا وَلم تُفَارِقهُ الْحمى مُفَارقَة صَحِيحَة فِي ذَلِك الْيَوْم فَإِن اتّفق وَذَلِكَ مَا لَا يكَاد يتَّفق وَهُوَ أَن يعرق الْمَرِيض عرقا مَحْمُودًا وتقلع عَنهُ الْحمى فَإِن البحران لَا محَالة يَصح. وَإِن زل ذَلِك الْمَرِيض أدنى زلل عَادَتْ إِلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>