وتكتفي بِأَن ترى فِي أبوالهم غمامة بَيْضَاء طافية فِي أَعلَى المَاء أَو مُتَعَلقَة فِي الْوسط بعد كَونهَا محمودة أَعنِي أَن تكون بَيْضَاء ملساء مستوية.
وأبوال الأصحاء الَّذين تعبهم ألف وَكثير وطعمهم قَلِيل يكون المرار عَلَيْهَا اغلب وَلذَلِك لَا يذم أبقراط الْبَوْل الْأَصْفَر المشبع الصُّفْرَة إِلَّا أَن يكون رَقِيقا فَأَنَّهُ قد قَالَ: إِن الْبَوْل مادام أصفر مشبع الصُّفْرَة رَقِيقا فانه يدل على أَن الْمَرَض لم ينضج بعد.
قَالَ: وَذَلِكَ أَنه لَيْسَ يُمكن إِذا كَانَ الْبَوْل شَدِيد الرقة وَلَو تركته زَمنا طَويلا أَن يتَمَيَّز حَتَّى يرسب مَا فِيهِ من الشَّيْء إِلَّا غلظ ويطفو مَا هُوَ فِيهِ مِمَّا هُوَ أرق لِأَن هَذَا إِنَّمَا يعرض للبول الَّذِي فِيهِ بعض الغلظ.
قَالَ: وَلَيْسَ مَتى كَانَ الْبَوْل غليظاً باعتدال وَكَانَ فِيهِ رسوب فَهُوَ صَحِيح نضيج وَذَلِكَ أَن الرسوب كَانَ محبباً كالشبيه بخلال السويق أَو كَانَ فِيهِ قطع شَبيه بالصفائح أَو بالنخالة أَو كَانَ)
أَخْضَر أَو أسود أَو كمداً رصاصياً أَو منتناً فَكل هَذِه مَعَ مَا أَنَّهَا لم تنضج تدل على التّلف وَذَلِكَ أَن الرسوب المحبب الشبيه بخلال السويق يدل إِمَّا على ذوبان الْأَعْضَاء وانحلالها وَإِمَّا على حرارة مفرطة محرقة قد قويت على الدَّم فَأَحْرَقتهُ وَإِمَّا على الصفائح فَهِيَ أَجزَاء تَنْقَسِم من ظَاهر الْعُرُوق عِنْدَمَا يعرض لَهَا أَن تذوب وتتحلل وَكَذَلِكَ الشبيه بالنخالة إِلَّا أَن هَذَا أغْلظ وأصفر.
وَأما الشبيه بالصفائح فَأَعْرض من الشبيه بالنخالة وأرق.
وَأما فَإِنَّهُ يدل إِمَّا على حرارة مفرطة نارية وَإِمَّا على برد مفرط وَتعرض مِنْهُ حَال شَبيهَة بِالْمَوْتِ وَكَذَلِكَ الْأَعْضَاء الخارجية إِنَّمَا يعرض لَهَا السوَاد على هذَيْن الْوَجْهَيْنِ وَكَذَلِكَ سَواد قوام الْبَوْل وَسَوَاد رسوبه وتعلقه.
والغمامة إِنَّمَا تكون من حرارة مفرطة وَإِمَّا لمَوْت الطبيعة تكون من إفراط الْبرد وكل بَوْل يصير إِلَى السوَاد فَهُوَ رَدِيء فِي غَايَة الرداءة حَتَّى أَنِّي لَا أعلم أحدا بَال بولاً فنجاً.
وَأما الرسوب فِي الْبَوْل إِذا صَار إِلَى السوَاد فدلالته على التّلف أقل والغمام الْمُتَعَلّق فِي وسط الْبَوْل إِذا كَانَ أسود فَهُوَ أقل دلَالَة على التّلف من الرسوب الْأسود والطافي اقل دلَالَة على الْهَلَاك إِذا كَانَ أسود من الْمُتَعَلّق.
لي قد صرح بِأَن مائية الْبَوْل إِذا كَانَ أسود أشر من جَمِيع أَجْزَائِهِ الْأُخَر ويتلوه فِي الرداءة الرسوب الْأسود ثمَّ الغمامة السَّوْدَاء.
قَالَ: وَأما ٣ (اللَّوْن الْأَخْضَر) قاتما يكون من أجل السَّوْدَاء فِي طَرِيق حُدُوثه. كَأَنَّهُ مُقَدّمَة للسوداء وَذَلِكَ أَن الْمَرَض إِذا كَانَ خبيثاً ظهر فِيهِ بعد ظُهُور الْقَيْء الْأَخْضَر وَالْبرَاز الْأَخْضَر وَالْبَوْل الْأَخْضَر وكل وَاحِد من هَذِه الثَّلَاثَة هُوَ أسود. فَأَما اللَّوْن الكمد الرصاصي فَإِنَّمَا يتَوَلَّد من الْبرد فَقَط. وَأما الرَّائِحَة المنتنة فَإِنَّمَا تتولد من العفونة. فان كَانَ الْبَوْل شَبِيها بالدهن دلّ على ذوبان الْجِسْم. وكل هَذِه الأبوال رَدِيئَة.