وَاخْتِلَاف ذوبان اللَّحْم يكون إِذا انْحَلَّت الْأَجْزَاء اللينة الرّطبَة مِنْهُ من الْحَرَارَة فَصَارَت صديداً رديئاً وَخفت الْأَجْزَاء الصلبة ويبست وَذَلِكَ أَن أول مَا يذوب فِي أَمْثَال هَذِه الحميات الشَّحْم الطري الحَدِيث ثمَّ مَا هُوَ أَصْلَب من الأول.
لي وَأعْتق وَمن بعد ذَلِك اللَّحْم الطري اللين ثمَّ اللَّحْم الصلب الْعَتِيق وَمن بعد ذَلِك الْأَعْضَاء أَنْفسهَا وَإِذا رَأَيْت الْأَعْضَاء أَنْفسهَا ذَابَتْ رَأَيْت فِي الْبَوْل أَجزَاء غير مُتَسَاوِيَة شَبيهَة بالصفائح وَقد يكون صنف آخر من الرسوب لَا غلظ فِيهِ أَبيض اللَّوْن وَسبب بَيَاض لَونه مُخَالطَة الْهَوَاء لَهُ بكليته أَكثر مُخَالطَة لما كَانَ غليظاً وحدوث هَذَا الرسوب يكون من ريح غَلِيظَة تخالط أَشْيَاء من فضول الأخلاط لم يستحكم نضجها مُخَالطَة يعسر تبرؤها مِنْهُ وخاصية هَذَا الرسوب الْحَال الَّتِي من عَادَة أبقراط أَن يسميها الاسْتوَاء وحدوث ذَلِك يكون إِذا كَانَ الرسوب كُله متساوي الْأَجْزَاء إِلَّا أَن مَا كَانَ مخالطاً لشَيْء آخر وأجزاؤه ترى مُخْتَلفَة فِي قوامها ولونها.
وَمَا كَانَ أجزاؤه من الرسوب الْمُخْتَلف صغَار فَهُوَ أردأ من الَّذِي أجزاؤه كبار وَذَلِكَ أَن الرسوب الَّذِي أجزاؤه كبار دلَالَته على قُوَّة الطبيعة بِحَسب ألف وَعظم ذَلِك الْجَوْهَر الْمُؤلف من تِلْكَ الْأَجْزَاء واستحكام نضجه.
وَأما الْأَجْزَاء الصغار فتل على أَن الْمَادَّة قد قهرت الطبيعة وغلبتها أَو على أَن الْحَرْب بَينهمَا كَأَنَّهُمَا متساويتانْ فَهَذَا أَمر يعم جَمِيع الرسوب المتساوي.
وَأما النخالي فأردأ الثَّلَاثَة الْأَصْنَاف. وَذَلِكَ أَنه بِمَنْزِلَة الصِّنْف الأول وَالثَّانِي وَيدل على أَن حرارة الْحمى ملتهبة مذوبة وَكَانَ يجب أَلا ترَتّب رَابِعا بل ثَالِثا.