قَالَ: وَمَا دَامَ الْبَوْل أَحْمَر رَقِيق القوام فالمرض لم ينضج، لِأَن الْبَوْل النضج معتدل القوام واللون.
قَالَ ج: الْبَوْل إِنَّمَا هُوَ الرُّطُوبَة الَّتِي تشرب بعد أَن يخالطها من المرار شَيْء مَا فان كَانَ اخْتِلَاط المرارية يَسِيرا كَانَ ضَعِيف الصُّفْرَة وبالضد.
قَالَ وَإِن لبث الْبَوْل رَقِيق القوام والصفرة زَمَانا طَويلا فَأَنَّهُ يدل على أَن النضج يتَأَخَّر وَحِينَئِذٍ لَا يُؤمن على العليل أَن يَنْفِي حَتَّى يكون النضج إِلَّا أَن الْقُوَّة قَوِيَّة كَثِيرَة.
قَالَ: وَمن أدل الأبوال على الْهَلَاك المائي وَالنَّتن الْأسود والغليظ.
قَالَ: المائي هُوَ الْأَبْيَض اللَّوْن وَالرَّقِيق القوام وَيدل على نهوك الأخلاط فِي الْغَايَة القصوى)
وَضعف الْقُوَّة الفاعلة للنضج. وَأما الْأسود والمنتن فمفردة كَانَت أَو مركبة فَإِنَّهَا رَدِيئَة. وَأما الْبَوْل الْأسود فَإِنَّهُ كلما كَانَ أغْلظ كَانَت دلَالَته على الْهَلَاك أَشد. وَأما الغليظ الَّذِي لَيْسَ بأسود فَإِن الغليظ وَإِن كَانَ رديئاً فَإِنَّهُ رُبمَا كَانَ هَذَا الْبَوْل على جِهَة تنقية الْبدن بِهِ فينتفع بِهِ كَمَا ينْتَفع بِسَائِر الإستفراغات الرَّديئَة إِذا كَانَ الْبدن ينقى مِنْهَا وَرُبمَا كَانَ مهْلكا مَتى كَانَ الْأَمر بالضد.
وَإِنَّمَا أَعنِي بالغليظ جدا هَاهُنَا لِأَن الْمُتَوَسّط الغلظ الطبيعي وَالَّذِي هُوَ أغْلظ مِنْهُ قَلِيلا لَا يدل على الْهَلَاك دلَالَة قَوِيَّة وَأما الَّذِي هُوَ غليظ جدا فانه دَلِيل على الْهَلَاك دلَالَة قَوِيَّة إِلَّا أَن يكون الْبدن ينتقي بِهِ فِي بعض الْأَوْقَات. ٣ (أردأ الأبوال للنِّسَاء وَالرِّجَال) الْأسود وللصبيان الْبَوْل الْأَبْيَض المائي.
قَالَ جالينوس: الْأسود والمائي يدلان على العطب فِي جَمِيع الْأَشْيَاء إِلَّا أَن الْأسود فِي الشَّبَاب أردأ والمائي فِي الصّبيان وَذَلِكَ أَن الصّبيان يَبُولُونَ بولاً غليظاً أبدا بالطبع فِيهِ رسوب كثير لِكَثْرَة أكلهم والأخلاط النِّيَّة فيهم وَهَذَا لَهُم طبيعي وَالْبَوْل الرَّقِيق أبعد شَيْء من طباعهم وَهُوَ لذَلِك أردأ. وَأما الشَّبَاب المتناهون فان بَوْلهمْ الطبيعي لطيف والرسوب فِيهِ قَلِيل وَالْأسود فِي غَايَة المضادة لبولهم الطبيعي وَكلما كَانَ أبعد من الطبيعي فَهُوَ أشر.
قَالَ: وللصبيان إِذا دَامَ بهم الْبَوْل المائي الْغَيْر طبيعي عطبوا وَكلما كَانَ أبعد فَهُوَ اشر.
وَمن بَال بولاً رَقِيقا مُدَّة طَوِيلَة وَكَانَت ألف وَسَائِر الدَّلَائِل تنذر بالسلامة فتوقع لَهُ خراجاً يخرج بِهِ فِي الْمَوَاضِع الَّتِي هِيَ أَسْفَل الْحجاب لِأَن هَذَا الْمَرَض مرض مزمن غير حاد فان بقيت قُوَّة العليل فان بحرانه يكون بخراج. يَعْنِي بِسَائِر الدَّلَائِل الْقُوَّة وسهولة الْمَرَض وَلِأَن الْمَرَض بَارِد وَالْقُوَّة قد ضعفت بطول الْمدَّة لَا تدفع الْفضل إِلَى فَوق فَيكون الْخراج أَسْفَل.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute