لي لَا أعلم أَنِّي رَأَيْت أحدا بِهِ مرض حميات حادة خرج مِنْهَا إِلَّا برسوب فِي الْبَوْل وَلَقَد رَأَيْت امْرَأَة جدرت فَظهر الرسوب فِيهَا بعد الْأَرْبَعين يَوْمًا وَلم تزل هَذِه الْمَرْأَة مَعَ ذهَاب الجدري محمومة أَيَّامًا كَثِيرَة حَتَّى ظهر الرسوب بعد الْأَرْبَعين وَهِي ابْنة عبد ربه.
لي يحْتَاج الْفرق بَين الْبَوْل الكدر والبارد فَلَا تحكمن بكدره دون أَن تعلم أَنه لم يبرد وَبَينهمَا فِي المنظر أَيْضا فرق وَذَلِكَ أَن الْبَارِد يكون فِيهِ جمود أَبيض لِأَن الجامد مِنْهُ شَحم وَلَا يكون وَصَحَّ من هَذَا الْموضع أَعنِي كتاب البحران وَغَيره من الْكتب أَن الْبَوْل الْأَحْمَر دموي وَأَنه اقل حرارة من الناري وَيحْتَاج من المحمومين إِلَى الفصد من أَصْحَاب الْبَوْل الْأَحْمَر الغليظ وَأما أَصْحَاب الْبَوْل الْأَصْفَر الناري الرَّقِيق فَلَا لِأَن حماهم تزداد بذلك حِدة ورداءة.
الْمقَالة الأولى الف وَمن كتاب البحران قَالَ: ٣ (مَحل الرسوب من الْبَوْل) مَحل الْمدَّة من الورم فَكلما أَنه لَا يُمكن أَن يكون بعد تولد الْمدَّة للورم الْحَرَارَة والالتهاب كَذَلِك لَا يُمكن أَن يكون بعد رسوب الْأَبْيَض للحمى صولة الْبَتَّةَ.
من كتاب الدَّلَائِل قَالَ: تفقد من الْبَوْل ثَلَاثَة أَشْيَاء: لَونه وقوامه وَمَا يرسب فِيهِ فان أعظم الْقَصْد إِنَّمَا هُوَ لهَذِهِ وتفقد مَعَ ذَلِك رَائِحَته وَمِقْدَار حرارته فِي اللَّمْس وحدته فِي الطّعْم وَذَلِكَ أَن الْبَوْل الصَّحِيح لَيْسَ بِشدَّة النتن وَالْقَوِي النتن يدل على عفن قوي وَالْبَوْل الطبيعي إِذا كَانَ حاراً فَلَيْسَتْ حرارة لمسه بمفرطة وَإِمَّا المفرط اللذاع فَيدل على حرارة فِي الْغَايَة.
وَحُمرَة الْبَوْل تدل على انه قد خالطه شَيْء من مائية الدَّم وَأما الْأَصْفَر فَيدل على الصَّفْرَاء.
لي لَا تفصد فِي الْمَرَض الحاد من بَوْله أشقر نَارِي رَقِيق الْبَتَّةَ.
لي على مَا قَالَ: وَالْأُصُول من الألوان: المائي والأصفر الرَّقِيق الصُّفْرَة الَّذِي يشبه مَاء التِّين وَالْقَوِي الصُّفْرَة الَّذِي يشبه صفرَة الْبيض والبالغ الصُّفْرَة الَّذِي يشبه لون النَّار والأحمر مِنْهُ الرَّقِيق الْحمرَة الَّذِي يشبه غسالة اللَّحْم وَمِنْه الْكثير الْحمرَة الَّذِي يشبه الزَّعْفَرَان وَمِنْه القني الْحمرَة الَّذِي يمِيل إِلَى السوَاد وَمِنْه الدموي الْمَحْض وَمِنْه الْأسود وَهُوَ إِمَّا رَقِيق السوَاد وَإِمَّا يشبه المري وَمِنْه اللبني الَّذِي يشبه مَاء اللَّبن وَمَاء الْجُبْن وَمِنْه الزيتي الَّذِي يشبه الزَّيْت بَين الصُّفْرَة والخضرة وَمِنْه الْأَخْضَر الَّذِي يضْرب إِلَى لون المرار وَمِنْه الأدكن وَهُوَ الَّذِي يكون للمستسقين كثيرا وَمِنْه الَّذِي فِيهِ مُدَّة وَيُشبه مَاء الْجُبْن وَمِنْه مَا فِيهِ مائية الدَّم فَهُوَ الْقسم الْأَعْضَاء من الْأَحْمَر.