للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكيفيته لكَي يكون مُوَافقا فِي الكيفيات الْأَرْبَع وإسهال الْبَطن واعتقاله وحرارته بِالْفِعْلِ وبرودته بِهِ ولطاقته وجلائه وغلظه ولزوجته وَحسن ترتيبه لِئَلَّا يقدم الْعسر الهضم قبل السهل الهضم والبطيء الْخُرُوج قبل السَّرِيع الْخُرُوج إِذا ارتادت الطبيعة وبالضد وَأَن يحسن التَّدْبِير قبله وَبعده أما قبله فالرياضة وَالْحمام وَأما بعده فالسكون وَالنَّوْم وَترك الرّكُوب وَالْحَرَكَة وَاسْتِعْمَال النّوم.

قَالَ ج فِي كتاب الأغذية: إِن الفلاحين وَالَّذِي يتعبون دَائِما فِي الْأَعْمَال الصعبة أَشد أبداناً وَأقوى على استمراء الْأَطْعِمَة ألف ي الغليظة ويعينهم على ذَلِك أَن أبدانهم لدوام كدها تتحلل تحللاً دَائِما فتحتاج لذَلِك الْأَعْضَاء إِلَى أَن تختطف الْغذَاء قبل تَمام نضجه وَرُبمَا اختطفته وَمن ينله نضج الْبَتَّةَ وَذَلِكَ عِنْد مَا يردفون لهضم الْمُتَقَدّم قبل الطَّعَام بتعب آخر وَأكْثر هَؤُلَاءِ يموتون قبل الشيخوخة لِأَن أعضاءهم تيبس قبل آوان يبسها ويصابون فِي آخر أعمارهم بأمراض صعبة عسرة وَقد يغبط هَؤُلَاءِ جهال النَّاس على شدَّة أبدانهم وجودة هضمهم وَإِنَّمَا كَانَ يحبب ذَلِك لَو لم تعقبهم هَذِه المضار الْعَظِيمَة وَمِمَّا يعنيه أَيْضا على هضم الأغذية الغليظة إِنَّهُم لشدَّة الكد ينامون نوما غرقاً جدا فَإِن أَخذ أحدهم بالسهر ليَالِي مُتَوَالِيَة مرض سَرِيعا وكما أَن أَصْحَاب الرياضة والتعب مَتى استعملوا الأغذية اللطيفة ضعفوا كَذَلِك غير أهل الكد والتعب وهم أهل الدعة والترفه إِذا استعملوا الأغذية الغليظة أسرعت إِلَيْهِم الْأَمْرَاض الامتلائية والسدد والأخلاط الخامة. ٣ (الْأَطْعِمَة اللزجة تورث حميات) لِأَنَّهُ يتَوَلَّد عَنْهَا سدد والأطعمة المرارية تولد الْحمى لحدة الدَّاء الْمُتَوَلد عَنْهَا.

من كتاب أغذية جالينوس: إِذا كَانَ الْبدن معتدلاً فَالَّذِي يحفظه على حَاله الأغذية المعتدلة وَإِذا كَانَ مائلاً عَن الِاعْتِدَال وَكَانَ لَهُ ذَلِك طبيعاً فيحفظه الْمُشبه لَهُ وَكَذَلِكَ إِن كَانَ ميله عَن الإعتدال خَارِجا عَن الطَّبْع فتوافقه الْأَطْعِمَة المضادة وَهَذَا من علاج الْأَمْرَاض وَالطَّعَام المشتهى أفضل من غَيره إِذا لم يكن التباين بَعيدا جدا وَهَذَا أسْرع هضماً من غير المشتهى وَذَلِكَ لِأَن الْمعدة تحتوي عَلَيْهِ وينهضم انهضاماً محكماً وعَلى الْأَكْثَر هِيَ مشابهة مُوَافقَة وَلذَلِك تشْتَهي فالزمها ون كَانَ أخس حَالا وَإِلَّا أَن يكون ألف ي الْفرق بَينهمَا وَبَين مَا يحْتَاج إِلَيْهِ كثيرا جدا فدعها حِينَئِذٍ فَإِن ذَلِك حِينَئِذٍ إِنَّمَا هُوَ لغَلَبَة الْخَلْط الردي كنحو شَهْوَة الطين والفحم وَمَا أشبه ذَلِك.

يجب أَن ينظر فِيمَا يطعم فتجعله مُوَافقا وتجتنب الضار وَذَلِكَ يعرف من جِهَتَيْنِ: إِحْدَاهمَا أَن لكل إِنْسَان معرفَة خاصية بِنَفسِهِ يعرف بهَا من تجاربه مَا يُوَافقهُ مِمَّا يضرّهُ فَيجب أَن يعْمل بِحَسب ذَلِك وَالثَّانِي أَن يقْصد قصد الجيدة لما تريده وتجتنب الردية.

مِثَال ذَلِك: إِنَّهَا إِذا كَانَت مسالك الكبد أَو الكلى ضيقَة وَكَانَت الكلى مَعَ ذَلِك حارة نارية تَوْقِيت الْأَطْعِمَة الغليظة اللزجة لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تحدث سدداً وحصى وَأَقْبَلت على

<<  <  ج: ص:  >  >>