للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من شراب إِلَى شراب وَمن صرف إِلَى مزاج وَمن مزاج إِلَى صرف إِلَّا قَلِيلا قَلِيلا واستعن بِبَاب الْعَادَات)

وَكَذَلِكَ الْأَوْقَات مرّة كَانَت أَو اثْنَتَيْنِ.

وَاعْلَم أَن الْأَبدَان المرارية إِذا أَمْسَكت عَن الطَّعَام وَقت عَادَتهَا انصب إِلَى معدها مرار فأفسد معدهم وقلل شهوتهم فَإِن أكلُوا بعد ذَلِك كَانَ هضمهم فَاسد ردياً لاختلاط المرار بِالطَّعَامِ وَيكون نومهم ردياً. لي أَنا أرى أَن يقدم هَؤُلَاءِ فِي هَذِه الْحَالة الْبِطِّيخ والتوت والفواكه الرّطبَة المبردة ويمكثون سَاعَة حَتَّى تختلط وتنحدر ثمَّ يَأْكُلُون طعامهم وَإِن أمكن يقيؤا أَولا ثمَّ يَأْكُلُوا.

الْيَهُودِيّ قَالَ: لَا يجب أَن يُطلق شرب المَاء وَقت أَخذ الأغذية فِي الانهضام وَلَا فِي اللَّيْل بعد النّوم إِذا كَانَ الْجوف فِيهِ طَعَام لِأَن ذَلِك يبلد الهضم ويطفئ الْحَرَارَة الغريزية.

مَتى كَانَ رجل يستمرئ الأغذية الغليظة وتفسد فِي معدته اللطيفة فَاعْلَم أَن مزاج معدته حَار إِمَّا بالطبع وَإِمَّا بِالْعرضِ وَهَذَا إِنَّمَا تفْسد ألف ي هَذِه الْأَطْعِمَة فِيهِ إِلَى الدخانية أبدا لِأَنَّهَا تفْسد بفرط الْحَرَارَة فَانْظُر إِن كَانَ برازه فِي الْأَكْثَر أَبيض وبدنه بدن بلغمي فقيئه قبل طَعَامه وَإِن كَانَ غير ذَلِك فقد ذَكرْنَاهُ.

وَيجب أَن تجْعَل الْغذَاء على حسب المزاج وَالْوَقْت وَالْحَال جملَة فَانْظُر فِيهِ.

مِثَال ذَلِك أَن الْأَبدَان المتخلخلة تحْتَاج إِلَى أغذية أغْلظ وبالضد وَكَذَلِكَ الَّذِي يرتاض ويتعب فَأَما من كَانَ يتَوَلَّد فِيهِ دم كثير جدا فَيحْتَاج إِلَى أَطْعِمَة قَليلَة فَإِن لم يشْبع بهَا جعلت كَثِيرَة الكمية قَليلَة الْغذَاء وبالضد من كَانَ يحْتَاج أَن يتَوَلَّد فِيهِ دم كثير وَلم يُمكن حمل الأغذية الْكَثِيرَة فِي معدته فَيحْتَاج إِلَى أَطْعِمَة قَليلَة الكمية كَثِيرَة الْغذَاء وعَلى ذَلِك فقس فِي جملَة الْبدن وَفِي عُضْو عُضْو مِنْهُ.

الأغذية مَا دَامَت تزيد حفظ الْبدن على حَاله فَتكون أشكالاً وَأما إِذا عرض للبدن عَارض احتجت أَن تزيله فَيكون أضداد الْعَارِض وَكَذَلِكَ إِذا أردْت أَن تنقل مزاجاً ردياً وَكَانَ صَحِيحا إِلَى مزاج أَجود مِنْهُ.

الْأَطْعِمَة المولدة للدم اللَّطِيف أَحْمد فِي دوَام الصِّحَّة لَكِنَّهَا لَا تفِيد جلدا وَلَا قُوَّة والغليظة بالضد فَمن كَانَ يُرِيد دوَام الصِّحَّة وَلَا يحْتَاج إِلَى أَعمال فِيهَا كد فليدمها وَمن كَانَ يحْتَاج إِلَى الْأَعْمَال القوية فَلَا بُد لَهُ من الغليظة فليمد يَده إِلَيْهَا مَعَ حسن التَّدْبِير لما يحْتَاج إِلَيْهَا وَلَا يدمنها.)

<<  <  ج: ص:  >  >>