والأبدان الرّطبَة يتَحَلَّل مِنْهَا أَكثر مِمَّا يتَحَلَّل من الْأَبدَان الْيَابِسَة فَلذَلِك يحْتَاج إِلَى الْغذَاء أسْرع وَأكْثر لِأَن الْأَشْيَاء الرّطبَة أَشد مواتاة للتحليل من الْيَابِسَة وَقس ذَلِك من الْبُقُول والخشب فَإنَّك إِن وَضَعتهَا فِي الشَّمْس وجدت أَحدهمَا ينقص نُقْصَانا كثيرا وَالْآخر بِحَالهِ.
الطَّعَام الْكثير ضَرْبَة يثقل على الْبدن فِي الصَّيف خَاصَّة جدا وَكَذَلِكَ فِي الخريف وَتَكون مؤونته فِي الشتَاء وَالربيع أقل.
لَيْسَ مَتى كَانَ الْإِنْسَان يَأْكُل حَتَّى تتمدد معدته فَهُوَ لَا محَالة يضرّهُ وَلَا يستمريه لَكِن مَتى فعل ذَلِك وعروقه ممتلية ضرّ ضَرَرا عَظِيما إِن لم يتقيأه إِن كَانَت قوته الهاضمة قَوِيَّة وَمَتى كَانَت قُوَّة الهضم فِيهِ ضَعِيفَة فَإِنَّهُ يضرّهُ وَيفْسد فِي بَطْنه.
وَلَيْسَ مَتى أقل الْأكل فَإِنَّهُ قد أَمن ضَرُورَة الضَّرَر لِأَنَّهُ قد يُمكن أَن يكون غذَاء ردياً وعسر الهضم فِي نَفسه وَإِن كَانَت كميته قَليلَة أَو تكون قوته ضَعِيفَة وَحَاجته إِلَيْهِ قَليلَة فَلذَلِك لَا يجب أَن يقْتَصر على النّظر فِي كَثْرَة مَا يرد الْمعدة وقلته حَتَّى ألف ي تتفقد مَعَ ذَلِك هَذِه الْأَحْوَال وَنَحْوهَا.)
الْإِمْسَاك عَن الطَّعَام لمن مزاجه نَارِي مُدَّة طَوِيلَة يشعل بِهِ حمى فَإِن لم تتداركه خيف عَلَيْهِ الْوُقُوع فِي الدق.
مَا كَانَ من الأغذية ألذ وأشهى وَأكْثر اعتياده فاختره وَإِن كَانَ أخس فِي الأصحاء والمرضى لِأَن الملتذ يجود اشْتِمَال جملَة غذائه وَإِن كَانَ أَجود سر لذَلِك المغتذي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute