للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لي ينظر فِي هَذَا فَإِنَّهُ عَجِيب.

التَّاسِعَة قَالَ جالينوس: الأفيون أقوى الْأَدْوِيَة الخدرة فِي جلب النّوم ذَلِك لِأَنَّهُ فَوق كل دَوَاء يجلب النّوم حَسبك بِهِ أَنه إِذا احْتمل فِي المقعدة أَو طلى على الْجَبْهَة أَو شم جلب النعاس.

الرَّابِعَة من تَدْبِير الأصحاء قَالَ: الْحمام يجلب النّوم وَمن لم يجلب لَهُ الْحمام النّوم فَإِن ذَلِك رَدِيء لَا خير فِيهِ يدل على تمكن اليبس من الْبدن.

قَالَ: وَالنَّوْم لَا يحدث عَن الْحَرَارَة وَإِن كَانَ مَعَ حرارة كَانَ مضطرباً مشوشباً كثير التفرغ والاختلاط سريع التيقظ جدا فيجل أَن تعلم أَن السهر قوي جدا فِي إِفْسَاد الدَّم إِلَى المرارية وإضعاف الهضم وجلب الْأَمْرَاض وخاصة فِي الْأَبدَان النحيفة المرارية وتعظم قوته فِي ذَلِك عِنْد جالينوس فِي حفظ الصِّحَّة بِأَنَّهُ حفظ نَفسه على أَنه لم يزل أَكثر دهره ساهراً.

الْمقَالة الأولى من الأخلاط قَالَ: من كَانَ فِي بدنه أخلاط تحْتَاج أَن تنضج فالنوم ينضجها وَمن كَانَ يحْتَاج إِلَى التَّحَلُّل فاليقظة تحللها وَالنَّوْم يجلب الأخلاط إِلَى بَاطِن الْبدن فَإِن كَانَ استفراغ فِي ظَاهر الْبدن من دم جرح أَو غَيره قطعه وَيقطع أَيْضا الْقَيْء والإسهال لَا لهَذِهِ ألف ي الْعلَّة لَكِن للسكون لِأَن السّكُون يمْنَع الاستفرغات كلهَا وَالْحَرَكَة تهيجها وتثيرها)

واليقظة تجتذب الأخلاط إِلَى ظَاهر الْبدن والأخلاط الَّتِي يحْتَاج أَن يرفق غلظها وتحلل فاليقظة نافعة لَهَا وَلَكِن يَنْبَغِي أَن يكون بِقدر قصد لِأَنَّهُ يحْتَاج أَن يقْصد لإنضاجها بِالنَّوْمِ ولتحليلها وَمن أضرّ الْأَشْيَاء النّوم الطَّوِيل لصَاحب الأخلاط الْبَارِدَة جدا وَهُوَ يمِيل إِلَى النّوم بِسَبَبِهَا وَلَيْسَ هُوَ بِصَالح لَهُ لَكِن فتر النّوم فِي جَمِيع هَؤُلَاءِ بِمِقْدَار مَا يَكْتَفِي بِهِ من اسْتِرْدَاد الْقُوَّة إِذا انْحَلَّت من الْيَقَظَة بِأَن يحدث عَن النّوم بعد النضج وَأما فِي ابْتِدَاء أدوار الْحمى فَجَمِيع النَّاس إِلَّا الشاذ يعلم مبلغ ضَرَر النّوم وخاصة إِذا كَانَت الْحمى مَعهَا سبات وَقد يعرض أَيْضا ضَرَر من النّوم للأحشاء المتورمة إِذا كَانَ فِي ابْتِدَاء دور الْحمى وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تنصب إِلَيْهَا مَادَّة من الدَّم تميله عِنْد ذَلِك نَحْو بَاطِن الْبدن مَعَ الْحَرَارَة الغريزية.

قَالَ: من كَانَت الأخلاط الدموية غالبة عَلَيْهِ فاليقظة لَهُ أَنْفَع من النّوم وخاصة مَتى كَانَت الْقُوَّة قَوِيَّة وأنفع مَا يكون النّوم مَتى كَانَت الْقُوَّة ضَعِيفَة إِذا كَانَ فِي الأخلاط بعض النُّقْصَان وخاصة إِن كَانَ فِيهَا مَعَ نُقْصَان كميتها نهوة.

قَالَ: مَتى كَانَ الْبدن مرارياً وَفِي الْأَمْرَاض الحادة فقد يحْتَاج إِلَى سُكُون وراحة كَامِلَة وَأما الأخلاط النِّيَّة والأمراض الْبَارِدَة فقد يحْتَاج فِيهَا فِي بعض الْأَوْقَات إِلَى الْحَرَكَة.

الْمقَالة الثَّانِيَة من الأخلاط قَالَ: الصَّوْت الملتذ باعتدال والأصوات المستوية كخرير الْمِيَاه وَنَحْوه إِذا لم تكن شَدِيدَة مهولة تجلب النّوم إِن شَاءَ الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>