للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ جالينوس: النّوم المعتدل يُولد دَمًا مَحْمُودًا والمجاوز الْمِقْدَار فِي الِاعْتِدَال يفْسد الأخلاط والناقص عَن الِاعْتِدَال يَجْعَلهَا مرارية والتعب يزِيد فِي حِدة الصَّفْرَاء ويولد الْمرة الناصعة الْحمرَة القليلة الرُّطُوبَة.

قَالَ: التَّعَب يفنى الدَّم وَيجْعَل مَا يبْقى مرارياً والراحة تزيد فِي الدَّم وتجعله بلغمياً.

الْمقَالة الثَّانِيَة من الْأَمْرَاض الحادة قَالَ: السهر الشَّديد يمْنَع الطَّعَام وَالشرَاب من النضج وَيسْقط الْقُوَّة لِكَثْرَة التَّحَلُّل ويجفف الْبدن وَالنَّوْم الْكثير يُرْخِي الْبدن ويثقل الرَّأْس وَذَلِكَ أَنه يمْلَأ)

الْبدن رُطُوبَة حارة ويرخى لذَلِك ألف ي لِأَنَّهُ لَا يتَحَلَّل مِنْهُ مَا يجب فتجتمع مِنْهُ فِي الْبدن فضول بخارية.

الْمقَالة الأولى من الْفُصُول قَالَ: إِذا كَانَ النّوم فِي الْأَمْرَاض يحدث وجعاً فَذَلِك من عَلَامَات الْمَوْت وَإِذا كَانَ لَا يجلب وجعاً فَلَا.

قَالَ جالينوس: لَيْسَ يَعْنِي بِهَذَا النّوم الْكَائِن فِي ابْتِدَاء النوائب فَإِن هَذَا النّوم يضر لَكِن لَيْسَ بِدَلِيل على الْمَوْت وَإِنَّمَا هُوَ شَيْء يتبع طبيعة ذَلِك الْوَقْت. وَذَلِكَ أَن الكيموسات تميل فِي ابْتِدَاء النوائب إِلَى بَاطِن الْبدن وخاصة فِيمَن بِهِ ورم أَو قشعريرة فتطول لذَلِك مُدَّة الْحمى مَتى نَام فِي ابْتِدَاء النوائب وَلَا تَنْتَهِي مُنْتَهَاهَا إِلَّا بعد كد ون كَانَ ورم فِي الأحشاء زَاد فِيهِ وَإِن كَانَ مِمَّن تجلب إِلَى معدته كيموسات كَثِيرَة جدا وَلم تنضج فِي ذَلِك الْوَقْت كَمَا تنضج فِي غير هَذَا الْوَقْت من النّوم.

وَأما الَّذِي يَقُول أبقراط: فَإِن كَانَ العليل مَتى نَام انتبه وَهُوَ أثقل وَأَشد عَلَيْهِ.

وَقد ينفع النّوم فِي الْأَكْثَر نفعا بَينا وَلَا سِيمَا فِي انحطاط النوائب فَإِنَّهُ ينفع هُنَاكَ نفعا عَظِيما وَقد ينفع فِي مُنْتَهى النّوبَة وَفِي آخر الْبرد بِالْقربِ من الْمُنْتَهى.

فَإِذا كَانَ النّوم يضر وَلَو فِي الانحطاط فدلالته على الشَّرّ فِي الْغَايَة لِأَنَّهُ قد صَار يضر فِي الْوَقْت الأنفع وَذَلِكَ لَا يكون إِلَّا لشدَّة الوجع. ٣ (مضار النّوم) إِذا كَانَ شَأْنه أَن يضر هِيَ هَذِه: يزِيد الْحمى والوجع وَيكثر سيلان مَا سيل إِلَى بعض أَعْضَاء الْبدن وَيزِيد فِي الأورام وَرُبمَا عرض للْمَرِيض أَن يتَكَلَّم فِي نَومه كلاماَ مشوشاً وَيبقى بعد الانتباه مختلطاً مُدَّة وَرُبمَا حدث لبَعْضهِم فِي ابْتِدَاء النّوبَة سبات لَا ينتبه إِذا حرك إِلَّا بكد وَهَذِه الْأَشْيَاء كلهَا تعرض من خبث الأخلاط ورداءتها وَذَلِكَ أَنه مَتى كَانَت الْحَرَارَة الغريزية ألف ي أقوى من الأخلاط أنضجتها فِي وَقت النّوم وَمَتى كَانَ كل الأخلاط أغلب للْمَرِيض مَا وَصفنَا من الْأَعْرَاض لغلبتها عِنْد النّوم غَلَبَة أَكثر فَإِن النّوم تميل فِيهِ الْحَرَارَة الغريزية إِلَى بَاطِن الْبدن بأجمعها فَإِذا كَانَت فِي ذَلِك الْوَقْت لَا تحدث فِي الأخلاط حسن حَال دلّ على ضعفها فِي الْغَايَة فَلذَلِك يدل على الْمَوْت وَأما إِن هُوَ أحدث حسن حَال فَلَيْسَ بِدَلِيل كَامِل على ثِقَة صَحِيحَة لِأَنَّهُ من قبل هَذِه الْحَال قد

<<  <  ج: ص:  >  >>