مِثَال قَالَ: أول من رَأَيْت بِهِ هَذِه الْعلَّة رجلا كَانَ يشكو عطشاً شَدِيدا وَيكرهُ شرب الْحَار وَكَانَ يقوم بِمَا أكله بعد أَربع سَاعَات وبدنه يقصف ويبلى وَلَا ينْتَفع بالأطعمة القابضة فَكَانَ الْأَطِبَّاء يأذنون لَهُ بِالْمَاءِ الْبَارِد إِلَى أَن أجهده الْعَطش فأقدم على شرب مَاء بَارِد جدا سكن عَنهُ الْعَطش على الْمَكَان فَكَانَ سَبَب الْبُرْء إِلَّا أَن المَاء الْبَارِد أضرّ بمريئه فَكَانَ يشكو مِنْهُ إِلَى أَن مَاتَ فَلذَلِك يَنْبَغِي أَن يعالج قَلِيلا قيلاً وَلَا يحمل على الْعلَّة دفْعَة.
وَآخر: لما رَأَيْت عَلَامَات سوء المزاج الْحَار الْيَابِس بِهِ وضعت المروخات على معدته فسكن مَا كَانَ يجده إِلَّا أَنه ضَاقَ نَفسه فَعلمت أَن حجابه يبرد فَقلعت الأضمدة وَجعلت عَلَيْهِ دهناً مسخناً فَعَاد نَفسه إِلَى الْأَمر الطبيعي من سَاعَته فَقطعت عَنهُ الدّهن عِنْد ذَلِك وَكنت أنزل بالأضمدة إِلَى أَسْفَل على مهل وأجعلها بعيدَة من السُّرَّة وَجعلت مَا يَأْكُلهُ بَارِدًا بِالْفِعْلِ برودة فبرئ من غير أَن يَنَالهُ سوء المزاج الْحَار الرطب قَالَ: فَأَقُول: إِن الْمعدة بهَا من سوء مزاج حَار مَعَ حرارة يسيرَة أداوى المخالط للرطوبة بِالْمَاءِ الْبَارِد بِلَا تهيب وَلَا خوف عَاقِبَة لِأَن الْأَعْضَاء الْقَرِيبَة من الْمعدة لَا يضر بهَا المَاء الْبَارِد لِأَنَّهَا معتدلة وَذَلِكَ أَن الْمعدة إِذا كَانَ بهَا سوء مزاج يَابِس فَلَا بُد أَن يقصف ويهزل مَا حواليها من الْأَعْضَاء مَعَ جملَة الْجِسْم وَأما إِذا كَانَت لم تيبس بعد فَإِنَّهُ لم تقصف وَلذَلِك لم يضرّهُ المَاء الْبَارِد فَأَما إِن كَانَ مَعَ الْحَرَارَة يبس فَاسْتعْمل أحر المَاء الْبَارِد فَإِنَّهُ لَا يُؤمن كَمَا أَنه إِذا كَانَ مَعَ رُطُوبَة أَو مَعَ اعْتِدَال بَين الْحَرَارَة والرطوبة لِأَن اليبس لَيْسَ يكون عَنهُ قصف الْأَعْضَاء الَّتِي حول الْمعدة فَإِن كَانَ فِي الْمعدة فِي بعض الْأَحْوَال سوء مزاج حَار يبلغ مِنْهُ إِلَى الْقلب حم صَاحبه وَكَانَ على خطر وَسَنذكر ذَلِك فِي كتاب الحميات.
الحميات الْحَادِثَة عَن ورم الْمعدة لي أما أَنا فسأذكر الحميات ألف ألف الْحَادِثَة عَن ورم الْمعدة هَا هُنَا قَالَ: فَأَما سوء المزاج فَهُوَ أسهل برءاً وأسرع من سائرها مَعَ حرارة كَانَ أَو مَعَ برودة وداوِ سوء المزاج الرطب فِيهَا بالأطعمة المجففة من غير أَن تسخن وَلَا تبرد تبريداً أَو إسخاناً قَوِيا وتقلل بِالشرابِ وَإِذا كَانَ مَعَ حرارة اسْتعْملت الاشياء القابضة المبردة وينفع أَيْضا شرب المَاء الْبَارِد.
لي كَيفَ وَهَذَا رطب وَأما سوء المزاج الْبَارِد الرطب فأفضل علاجه الْأَشْيَاء الحريفة الحارة واخلط مَعهَا دَائِما أَشْيَاء عفصة بعد أَن لَا تكون مِمَّا يبرد تبريداً ظَاهرا والاقلال من الشَّرَاب أفضل مَا عولجوا بِهِ وأبلغه فيهم وَليكن ذَلِك الشَّرَاب الْقَلِيل شرابًا قوي الإسخان وَسَائِر مَا يعالجون بِهِ من خَارج شَبِيها بِهَذَا التَّدْبِير.
سوء المزاج مَعَ خلط قَالَ: رُبمَا كَانَ فِي تجويف الْمعدة خلط رَدِيء المزاج يحدث لَهَا سوء مزاج وَرُبمَا كَانَ هَذَا الْخَلْط فِي جرمها وَالْمَرَض الأول إِن كَانَ إِنَّمَا يحدث مرّة وَاحِدَة فالقيء يذهب بِهِ فِي أسْرع الْأَوْقَات وَإِن كَانَ يعود فتلطف فِي تعرف الْحَال فِيهِ من أَن يَجِيء لتعالجه بِحَسب ذَلِك فَإِذا وقفت على الْعُضْو الْبَاعِث لتِلْك الفضلة فاقصده وأقصد إِلَى الْمعدة بالتقوية لِئَلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute