تقبل ذَلِك الْفضل وَأنْظر أَولا هَل الْجِسْم ممتلئ ثمَّ أنظر فِي عُضْو عُضْو وَأنْظر هَل احْتبسَ لشَيْء مِمَّا كَانَ يستفرغ أَو قطع عَادَة كالطمث وَدم البواسير أَو لعمل كَانَ يرتاض بِهِ أَو قطع عَادَة أَي عَادَة كَانَت أَو لاستفراغ غَرِيب يعتاده كالهيضة أَو النَّوَازِل كَانَت تنزل على المنخرين فمالت إِلَى الْمعدة وَكثير مِمَّن كَانَ يصيبهم زكام فَانْقَطع وَمَال الْفضل إِلَى معدهم فتفقد هَذِه الْأَشْيَاء فَإِن كَانَت الْمَادَّة قد انْتَقَلت من عُضْو أخس من الْمعدة فَردهَا إِلَيْهِ وَإِن كَانَت انْتَقَلت من عُضْو أشرف فأعن بالعضو حَتَّى تعدل مزاجه وأعن بالمعدة حَتَّى لَا تقبل ولتكن عنايتك أَن تقطع الْمَادَّة بتعديل ذَلِك الْعُضْو أَكثر فَإِن كَانَ امتلاء فِي جَمِيع الْبدن برأت بفصده وَإِن كَانَ خلط رَدِيء فِي الْجِسْم نقصته ثمَّ خُذ فِي معالجة الْمعدة بعد ذَلِك لإنه لَا بُد أَن تكون الْمعدة قد اكْتسبت من ذَلِك الْخَلْط على طول انصبابه إِلَيْهِ شَيْئا كثيرا وَكَذَلِكَ يحْتَاج صَاحب هَذِه الْعلَّة أَن يسْتَعْمل الأفسنتين فِي الْوَقْت الملائم وتعني بِأَن تعيد مزاج الْمعدة إِلَى مَا كَانَت عَلَيْهِ بِأَن تعالجها بأَشْيَاء مضادة لذَلِك المزاج الَّذِي لذَلِك الْخَلْط وَإِن كَانَ لم يصل انصباب ذَلِك الْخَلْط إِلَى الْمعدة وَكَانَ)
ذَلِك إِنَّمَا كَانَ بهَا أَيَّامًا يسيرَة سهل علاجه وَإِن طَال فَرُبمَا أكسبها سوء مزاج يحْتَاج أَن يداوى كَمَا يداوى سوء المزاج حَتَّى يقْلع. ٤ (مداواة الْخَلْط الرَّدِيء المتداخل فِي جرم الْمعدة) ألف ألف قَالَ: هَذَا النَّوْع يداوى بالمسهلة اللينة الَّتِي لَا تبلغ قوتها أَن تجَاوز الْمعدة والأمعاء وَإِن جَاوَزت فأقصى مَا تبلغ جداول الْعُرُوق الَّتِي ينفذ الْغذَاء إِلَى الكبد فِيهَا وَأفضل هَذِه مااتخذ بِالصبرِ فَقَط وَالصَّبْر المغسول أقوى وأبلغ فِي تَقْوِيَة الْمعدة وَغير المغسول أبلغ فِي تنقيتها وأيارج فيقرا من جيد الْأَدْوِيَة إِذا سقى فِي الْوَقْت الَّذِي يجب أَن يسقى المسهلة فِيهِ ويتمشى بعده مشياً معتدلاً وَلَا يُغير شَيْئا من تَدْبيره وَلَا يعجن لَهُ الأيارج بِعَسَل لإن تقويته وشده للمعدة يصير أقل من أجل الْعَسَل فَإِن كَانَ فِي الْمعدة بلغم محتقن فَقَطعه أَولا ثمَّ أسهله وَإِن كَانَ يسهل عَلَيْهِ الْقَيْء فَلَا باس أَن تقيئه بسكنجبين وفجل وَإِن كَانَ البلغم الَّذِي فِي معدته لَيْسَ بغليظ فقيئه بِمَاء كشك الشّعير أَو بِمَاء وَعسل وَحين تسقيه الأيارج إِذا لم يكن البلغم أَيْضا غليظاً فيكفيك أَن تسقيه مَاء كشك الشّعير سَاعَة يخرج من الْحمام ثمَّ أسقه الأيارج سحرًا من غدْوَة واسقه أَيْضا مَاء الْعَسَل الَّذِي قد طبخ فِيهِ الأفسنتين لإنه يخرج الأخلاط الَّتِي احتقنت فِي جرم الْمعدة إِذا كَانَت رقيقَة وَهَذَا الْكَلَام يشْتَرك مَعَ تَدْبِير الأصحاء لإنه يدْخل فِي تَقْوِيَة الْأَفْعَال الضعيفة فَأَما إِن كَانَت الْأَفْعَال قد بطلت فَلَا لإنه حِينَئِذٍ علاج الْمَرَض وَالْحَد الْفَاصِل بَين هذَيْن هُوَ أَن يكون الضعْف قد بلغ أَن يمْنَع صَاحبه من التَّصَرُّف.
فِي تركيب هَذِه الْأَمْرَاض قَالَ: وممكن أَن يجْتَمع للمعدة هَذِه الْعِلَل فَيصير بهَا سوء مزاج فِي نَفسهَا وأخلاط رَدِيئَة مشربَة لطبقاتها وأخلاط رَدِيئَة سائحة فِي تجويفها أَو يكون اثْنَتَانِ من هَذِه وَإِذا كَانَ كَذَلِك فأبدأ بأعظمها خطراً أَو أَيهَا رَأَيْتهَا سَببا لِلْأُخْرَى وَالَّتِي لَا يُمكن أَن تَبرأ إِلَّا ببرئها
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute