إِذا ثقلت الْمعدة بادرت إِلَى دفع مَا يؤذيها فَلذَلِك لَا يتم الهضم وَإِذا دفقته إِلَى الأمعاء لَا يكون هُنَاكَ هضم وَكَذَلِكَ نرى قوما يتركون الْغذَاء وشهوتهم بعد صَالِحَة فيخصبون على ذَلِك لِأَن انهضامه فِي هَذِه الْحَال يجود جدا وَيصير أقل ثقلا إِن كَانَ طَعَامه جيدا.
كَانَ بِرَجُل ورم عَظِيم فِي معدته وَكَانَ الْأَطِبَّاء يضمدونه بالمبردات ويحمونه وَقد نهك جدا)
فنقلته إِلَى ضد ذَلِك لِأَنِّي بعد أَن شاهدت نحافته عرفت أَن لَهُ أشهرا وَتَقَدَّمت حمى حادة ثمَّ سكنت فَعلمت أَنه قد كَانَ خراج ثمَّ نضج وَجمع ثمَّ أخذت فِيمَا ينقى وَيفجر.
اخْتِصَار حِيلَة الْبُرْء قَالَ: مَا كَانَ من سوء مزاج فِي الْمعدة مَعَ مَادَّة فَإِنَّهُ يتبعهُ غثى وَإِن كَانَت الْمَادَّة قَليلَة لم يتقيأوا إِلَّا بعد مَا يَأْكُل وَإِن كَانَت كَثِيرَة تقيأوا قبل الْأكل أَيْضا وَيعلم أَي مَادَّة هِيَ من الجشاء وَغَيره مِمَّا يعرف بِهِ سوء المزاج الَّذِي بِلَا مَادَّة وعلاج هؤلاءهو الإرياج.
شكى إِلَى رجل رُطُوبَة فِي معدته مَعَ حرارة تسرع إِلَى رَأسه وَكَانَت الرُّطُوبَة مفرطة وَأخذت وردا أَحْمَر مطجونا عشرَة دَرَاهِم سنبلا دِرْهَمَانِ مصطكى كندرا قرنفلا عودانيا كمونا درهما درهما القرصة مِثْقَال بميسوسن.
آخر: أفسنتين عشرَة سنبل سعد قشور الفستق الْأَخْضَر راسن يَابِس قشور الأترج دِرْهَمَانِ يطْبخ برطل مَاء ويسقى بِهِ القرص وَوضعت على معدته دهن الناردين عملته هَكَذَا: سنبل إذخر سعد قسط أَلقيته فِي دهن ورد مَرَّات ثمَّ فتقته فِيهِ مصطكى وكمدت ومرخت معدته وَوضعت على رَأسه دهن ورد وخل خمر وَجعلت غذاؤه القلايا والمطجنات فبرئ هَذَا تَدْبِير مجفف جدا وَلَا يسخن كثير اسخان.
الْفُصُول السَّادِسَة: فِيهِ كَلَام أَنَّك مَتى شِئْت إسخان معدة.
قد بردت اسخاناً يصل الدَّوَاء ويغوص فِي جزمها فأعطه جوارش الفلافل بشراب ممزوج بِمَاء حَار وعلامة بُلُوغ ذَلِك مِنْهُ هيجان الفواق بِهِ وَهَذَا أبلغ مَا يكون اسخان الْمعدة وَقد ذكر جالينوس فِي غير مَوضِع من كتبه أَنه يعالج الْمعدة الْبَارِدَة وَالطَّعَام المتلبد فِيهَا بشراب ينثر عَلَيْهِ فلفل يسقاه.
الأولى من تَفْسِير الثَّانِيَة من أبيذيميا: من كبده ومعدته عليلتان لم يحْتَمل الإمتلاء من الطَّعَام دفْعَة لَكِن قَلِيلا قَلِيلا.
فِي تَلْخِيص حِيلَة الْبُرْء: الْفرق بَين الْخَلْط فِي الْمعدة وَمَا يكون فِي المزاج الغثى والقيء والجشاء الَّذِي يخص ذَلِك الْخَلْط قبل الطَّعَام ثمَّ الْفرق بَين السابح من ذَلِك الْخَلْط وَبَين الغائص أَن يكون غثى بِلَا قيء فِي سهولة وَأما فِي سوء المزاج فَلَا يكون غثى وَلَا جشاء رَدِيء قبل الْأكل ثمَّ لَا يقيء بالعطش الْحَار حَتَّى يستبين سَائِر الدَّلَائِل وَلَا يعدمه الْبَارِد لِأَنَّهُ قد يكون من الرُّطُوبَة وَذَلِكَ من اليبس.)