للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مما أغضبهم عليه، ورغم ظروف الكوفة المضطربة، فإنه تمكن من تنظيم الولاية ومد الفتح باتجاه طبرستان والخزر، كما قضى على التمرد في أذربيجان، ولكن نشاطه الإداري والعسكري لم يعفه من شغب زعماء الأعراب الذين تجرءوا عليه في مجلسه العام وضربوا بعض أعوانه، فشاور عثمان في أمرهم، فأمر بنفيهم إلى الشام، ومكثوا في الشام حتى وجدوا الفرصة مواتية للعودة إلى الكوفة عندما غادرها سعيد بن العاص إلى المدينة، فقاموا بتحريض السكان ضده زاعماً (زاعمين) أنه يريد إنقاص العطاء، ونجح الأشتر في جمع المعارضين للوالي حيث منعوه عند عودته من دخول الكوفة- وكانوا ألفاً من المسلمين- فرجع إلى عثمان ونصحه بتعيين والي جديد لتهدئة المعارضة، وعلم عثمان بأنهم يرغبون في ولاية أبي موسى الأشعري عليهم فولاه ولايته الثانية التي دامت حتى مقتل عثمان (١). والحق أن ولاية الكوفة لم تهنأ بالاستقرار، وكانت مصدر شغب وشكاوى على الولاة الذين تعاقبوا على إدارتها، فلم ينج أحد من الشغب والشكاوى، وكان الخليفة عثمان يحرص على تهدئة الأحوال، ويغير الولاة إذا اشتد الشغب عليهم.

وتتمثل سياسة عثمان في مراقبة العمال والاستماع إلى رأي الناس فيهم، والاجتماع بهم في موسم الحج لمدارسة أحوال الولايات جرياً على السياسة العمرية، كما أرسل الكتب إلى ولاته للمشاركة في حل مشكلات الأقاليم، وأرسل المفتشين إلى الولاة للتعرف على أحوال الولايات عن كثب، كما أنه أرسل كتبا إلى أهل الأمصار توضح سياسته تجاه الرعية وحرصه على حقوقهم واستعداده لقبول شكاويهم ضد ولاتهم إذا أصابهم منهم ظلم داعياً المظلومين إلى رفع ظلامتهم إليه مباشرةً في موسم الحج.


(١) الطبري: تأريخ ٤: ٣٣٠ - ٣٣١، ٢٦٩ - ٢٧١.

<<  <   >  >>