للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويلاحظ أن سعد بن أبي وقاص كان يتولى شؤون الكوفة سوى بيت المال الذي عيَّن عليه عثمان عبد الله بن مسعود، ولما اختلف الاثنان حول مبلغ اقترضه سعد من بيت المال ولم يتمكن من سداده في وقت محدد قام عثمان بعزله وإبقاء عبد الله بن مسعود على بيت المال مع تعيين والٍ جديد هو الوليد بن عقبة بن أبي معيط الذي كان قد تولى عدة أعمال في عهد النبوة وخلافة أبي بكر وعمر. وقد أثبت الوليد مقدرة إدارية وعسكرية، وخبرة بالتعامل مع أهل الكوفة الذين أحبوه لنظره في مصالحهم وعدم احتجابه عنهم، ولكن تجدد الخلاف بينه وبين ابن مسعود، كما حدث مع سلفه سعد بن أبي وقاص، وهنا عزل عثمان ابن مسعود وأبقى الوليد، ثم وقعت مشاكل عديدة بين الوليد ورجال من أهل الكوفة- كان قد أقام حد القتل على أقاربهم- سعوا به عند الناس ثم عند الخليفة عثمان حيث رفض عثمان الاستجابة لطلبهم عزل الوليد عن الكوفة "تعملون بالظنون، وتخطئون في الإسلام، وتخرجون بغير إذن، ارجعوا" فلما رجعوا إلى الكوفة لم يبق موتور في نفسه إلا أتاهم، فاجتمعوا على رأي فأصدروه (١)، فكان أن اتهموا الوليد بشرب الخمر وشهدوا ضده فأقام الخليفة الحد عليه أربعين جلدة- وإقامة الحد ثابت من روايتي البخاري ومسلم- وعزله عن ولاية الكوفة (٢). وعين والياً بدله سعيد بن العاص بن أمية، وقد وصفه الحافظ الذهبي بقوله: "كان أميراً شريفاً جواداً ممدحا حليماً وقوراً ذا حزم وعقل يصلح للخلافة" (٣).

وقد قرَّب سعيد فقهاء الكوفة وقراءها وأبعد أصحاب الشر من زعماء القبائل


(١) الطبري: تأريخ ٤: ٢٧٥ عن سيف.
(٢) البخاري: الصحيح (فتح الباري ٧: ٥٣)، ومسلم: الصحيح ٣: ١٣٣١ رقم ١٧٠٧، وابن حجر: فتح الباري ٧: ٥٦.
(٣) الذهبي: سير أعلام النبلاء ٤٤٤ - ٤٤٥.

<<  <   >  >>