والإدارة، بحيث طغت بعد برهة وجيزة على اللغات واللهجات المحلية.
وينظر المسلمون إلى عصر الخلافة الراشدة باعتباره أميز العصور في تاريخهم بعد عصر النبوة حيث تولى الحكم كبار الصحابة المقربين من النبي صلى الله عليه وسلم ممن شهد لهم بالسابقة والفضل والبشارة بدخول الجنة، تعاونهم أعداد من الصحابة الذين نزل القرآن بتعديلهم، وهم الذين مثلوا النخبة القيادة في الفكر والسياسة والإدارة والاقتصاد والفتوح، كما أنهم نقلوا القرآن والسنة إلى الأجيال التالية لذلك كان لابد من تمحيص الأخبار المتعلقة بهم خاصة.
ولا شك أن أساليب الحكم والإدارة والتوجيه التي اتبعوها وضحت جوانب النظام الإسلامي وصارت مثالاً يتطلع له المؤمنون في كل الأجيال المتعاقبة، وهم يقيسون أحوال زمانهم به، ويصفونه لبيان الانحراف والظلم وانهيار القيم الخلقية والاجتماعية والسياسية، ويدعون إلى العودة إلى "المثال" الذي تحقق في الخلافة الراشدة.
وكان الحكم في العهد النبوي تخالطه النبوة، لكنه لم يعد كذلك في الخلافة الراشدة، فلم يكن توليهم السلطة بأمر من الله أو بوصية من نبيه، بل تم اختيارهم وبيعتهم من قبل المسلمين، بما في ذلك خلافة عمر رضي الله عنه الذي رشحه أبو بكر الصديق رضى الله عنه بعد مشورة الكبار من الصحابة، فلم تكن الخلافة لتنعقد له لولا بيعة الناس له في المدينة، ثم أخذ البيعة له من قبل الولاة على أرجاء الدولة الإسلامية ..
وقد طبَّق الخلفاء الأربعة التعاليم الإسلامية في الحكم، فاهتموا بالشورى الفردية والجماعية، لكنهم لم يؤسسوا مجلساً دائماً لها، بل كانت في الغالب تنحصر في المقدمين من الصحابة من ذوي السابقة والخبرة، وكان الجمهور يعترف لهم بهذه المكانة. لكن البيعة للخليفة لم تقتصر عليهم بل تمتد إلى الجمهور الذي يبايع البيعة العامة في المسجد بعد البيعة الخاصة التي يعقدها كبار الصحابة للخليفة.
إن أهم المظاهر التي برزت في عصر الخلافة الراشدة تتمثل في تنظيم الإدارة