والجيش والعطاء وتنظيم المناطق المفتوحة وخاصة في خلافة عمر رضي الله عنه. أما أهم الأحداث التي شهدها ذلك العصر فتتمثل في القضاء على حركات الانشقاق وإعادة توحيد الدولة الإسلامية في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، مما مهَّد للحدث البارز الثاني المتمثل في حركة الفتوح الإسلامية التي شغلت العصر، وامتازت بالانسياح السريع في الهلال الخصيب وإيران ومصر، حيث تغلب الفاتحون على الإمبراطوريتين البيزنطية والساسانية وهما أعظم القوى في الأرض في ذلك الزمان، وكانت الغلبة الحضارية المتمثلة في سيادة الإسلام واللغة العربية تزيد على أهمية الانتصار العسكري السريع، لأنها مكنت للإسلام ولغته العربية في الأرض المفتوحة حتى الوقت الحاضر، خلافًا للفتوحات الأخرى التي قادها هانيبال والإسكندر وهولاكو قديماً والتي قامت بها بريطانيا وأسبانيا والبرتغال وهولندا في العصر الحديث، فرغم الانتصار العسكري لهذه القوى إلا أنها لم تتمكن من صهر المناطق المفتوحة في بوتقتها الحضارية وإن تركت فيها آثاراً متباينة العمق. ويعود الأثر العميق الذي أحدثته الفتوح الإسلامية إلى تحول السكان إلى الإسلام عقيدة وشريعة وأخلاقاً، تمتد تعاليمه إلى جوانب الحياة المختلفة، وتؤثر في البنية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية .. وكان لقيم التسامح والعدل والمساواة أثر كبير في اجتذاب سكان المناطق المفتوحة وتوحدهم مع الفاتحين.
وقد كان الحدث الداخلي المهم يتمثل في أحداث الفتنة التي أودت بحياة الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه وطغت نتائجها على أحداث خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي واجه المعارضة المتنوعة في الجمل والنهروان وصفين، واستشهد قبل أن تستقر الدولة الإسلامية على حال.
ولا شك أن التجربة السياسية التي لم يمض عليها سوى أربعة عقود تمكنت من الصمود أمام العواصف العاتية وخرجت منها مثقلة بتجاربها وخبراتها متطلعة إلى الاستقرار والامتداد والتفاعل مع التطورات الجديدة في العصر الأموي.
وقد التزمتُ بتطبيق مناهج المحدثين في نقد الروايات التاريخية إذا تعلقت