للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يصلي بالناس، فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر؟ قالوا: نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر" (١). وذكرهم بموقفه في حادثة الهجرة، ثم بايعه عمر وبايعه المهاجرون ثم بايعته الأنصار (٢).

"ومن استعراض الروايات الصحيحة لاجتماع السقيفة ومبايعة أبي بكر خليفة يتبين أن الاجتماع لم يدم طويلاً، ولم تجر فيه مناقشات طويلة بين المهاجرين والأنصار، أو تنافس وصراع على تولي الخلافة، أو حدَّة في الكلام أو تهديدات أو عراك بالأيدي بين المجتمعين. وهذا كله مما صورته بعض الروايات الضعيفة التي وردت عن اجتماع السقيفة، والتي تناقلها المؤلفون المعاصرون (٣) فشوَّهوا الصورة الوضاءة لذلك الاجتماع التأريخي الرفيع والذي قرر مصير الخلافة والدولة الإسلامية بحزم وترفع وإحساس كبير بالمسؤولية يستعلى على التفاهات والأهواء.

ولم يكن أبو بكر رضي الله عنه حريصاً على الإمارة بل كان كارهاً لتوليها لما يعلمه من عظم المسؤولية أمام الله تعالى وخوفه من التقصير فيها، رغم أن الصحابة كانوا يعلمون أنه أحقهم بها، وأقواهم عليها، وقد صارح أبو بكر المسلمين بمشاعره مرارا: "والله ما كنتُ حريصاً على الإمارة يوماً ولا ليلةً قط، ولا كنت راغباً فيها، ولا سألتها الله عز وجل في سر ولا علانية، ولكني أشفقت من


(١) النسائي: السنن ٢: ٧٤ - ٧٥ وحسنه الألباني (صحيح سنن النسائي ١: ١٦٨)، وابن سعد: الطبقات الكبرى ٢: ٢٢٤ و ٣: ١٧٨، وابن أبي شيبة: المصنف ١٤: ٥٦٧، وأحمد: المسند ١: ٢١٣ (ط. شاكر) وصحح إسناده أحمد شاكر، وله شاهد ١: ١٧٢ (ط. شاكر) وصححه أحمد شاكر. وأحمد: فضائل الصحابة ١: ١٨٢ بإسناد حسن.
(٢) البخاري: الصحيح ٨: ٢١١، والترمذي: الشمائل المحمدية ٣٠٨، والنسائي: فضائل الصحابة ٥، وكتاب الوفاة ٧٦.
(٣) عبد العزيز بن سليمان المقبل: خلافة أبي بكر الصديق ٤٢.

<<  <   >  >>