للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

موقف علي، وكان سبباً في قبول التحكيم. وقد فنَّد ابن عباس مقولاتهم (١).

ولا شك أن وقعة النهروان تركت جراحاً أليمة في الكوفة العلوية الاتجاه والبصرة العثمانية معاً، حيث ينتمي معظم الخوارج إلى قبائل المدينتين، وقد نعى البعض على علي رضي الله عنه دماء أهل النهر، ووقعت بينهم وبين علي معارك صغيرة (٢).

وتعدى الوهن أقارب الخوارج إلى جملة الجيش الذي تحمل ذكريات صفين الأليمة وقد تجددت الذكريات في حرب الخوارج بالنهروان .. فلم يجد علي فيهم النشاط لقتال معاوية. بينما أفاد معاوية من هذه الظروف التي أحاطت بخصمه، فمد نفوذه إلى مصر بقيادة عمرو بن العاص وبالتعاون مع العثمانية فيها مما أضاف إليه قوة بشرية واقتصادية، كما راسل وجوه القادة في العراق محاولاً استمالتهم.

وأمام الوهن والشقاق وضعف الطاعة في جيش علي لم يتمكن من القيام بأية حملة ضد القوات الشامية، وتبين خطبه الأخيرة مدى ما عاناه من الملل والألم إذ كان يقول: "اللهم إني قد سئمتهم وسئموني، ومللتهم وملُوني فأرحني منهم وأرحهم مني، فما يمنع أشقاكم أن يخضبها بدم ووضع يده على لحيته" (٣). فكانت هذه الإشارة بأن ثمة من يسعى لقتله، أول إعلان عما بلغه من محاولة عبد الرحمن بن ملجم المرادي قتله (٤)، وكان قد حذَّر من التآمر لقتله "جاء رجل من مراد إلى علي-


(١) ابن أبي شيبة: المصنف ١٥: ٢٩٩ - ٣٠١ بإسناد حسن.
(٢) ابن أبي شيبة: المصنف ١٥: ٣٣١، وابن عساكر: تأريخ دمشق ٩: ق ١٦٧.
(٣) عبد الرزاق: المصنف ١٠: ١٥٤ بإسناد صحيح وله متابعات عند ابن عباس: الطبقات الكبرى ٣: ٣٤، وشواهد عند ابن أبي عاصم: الآحاد والمثاني ١: ١٣٧ بإسناد حسن
(٤) ابن سعد: الطبقات الكبرى ٣: ٣٣.

<<  <   >  >>