للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهفان لمن مليء بذلك؟ ة فبناء فعلان للسعة والشمول ولهذا يقرر استواؤه على العرش بهذا الاسم كثيرا كقوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ}. فاستوى على عرشه باسم الرحمن، لأن العرش محيط بالمخلوقات قدر وسعها، والرحمة محيطة بالخلق واسعة لهم، كما قال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} فاستوى على أوسع المخلوقات بأوسع الصفات. فلذلك وسعت رحمته كل شيء، وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لما قضى الله الخلق كتب في كتاب، فهو عنده موضوع على العرش: إن رحمتي تغلب غضيي" وفي لفظ "فهو موضوع عنده على العرش".

فتأمل خصائص هذا الكتاب بذكر الرحمة، ووضعه عنده على العرش، وطابق بين ذلك وبين قوله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وقوله {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} ينفتح لك باب عظيم من معرفة الرب تبارك وتعالى إن لم يغلقه عنك التعطيل والتجهم.

وصفات العدل، والقبض والبسط، والخفض والرفع، والعطاء والمنع، والإعزاز والإذلال، والقهر والحكم ونحوها: أخص باسم الملك وخصه بيوم الدين، وهو الجزاء بالعدل لتفرده بالحكم فيه وحده، ولأنه اليوم الحق، وما قبله كساعة ولأنه الغاية، وأيام الدنيا مراحل إليه.

[ارتباط الخلق بالأسماء الثلاثة]

تأمل ارتباط الخلق والأمر بهذه الأسماء الثلاثة وهي: " الله، الرب، الرحمن" كيف نشأ عنها الخلق، والأمر، والثواب، والعقاب؟ وكيف جمعت الخلق وفرقتهم؟ فلها الجمع والفرق.

فاسم الرب له الجمع الجامع لجميع المخلوقات. فهو رب كل شيء وخالقه، والقادر عليه لا يخرج شيء عن ربوبيته، وكل من في السماوات والأرض عبد له في قبضته، وتحت قهره، فاجتمعوا بصيغة الربوبية، وافترقوا بصفة

<<  <   >  >>