السبب إلا إذا كان بقضاء الله وقدره، فإن لم يكمل الله الأسباب، ويدفع الموانع لم يحصل المقصود، وهو سبحانه ما شاء كان، وإن لم يشأ الناس، وما شاء الناس لا يكون إلا أن يشاء، لا يجوز أن يعتقد أن الشيء سبب إلا بعلم، فمن أثبت شيئا سببا بلا علم، أو تخالف الشرع كان مبطلا، مثل أن يظن أن النذر سبب في دفع البلاء، أو حصول النعماء أن الأعمال البدنية لا يجوز أن يتخذ منها سببا إلا أن تكون مشروعة، فإن العبادات مبناها على التوقيف وكذلك عمل الآخرة، فليس بمجرد العمل ينال الإنسان السعادة: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لن يدخل أحد الجنة بعمله" قالوا ولا أنت يا رسول الله؟ قال:"ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته" فالعمل الصالح مع رحمة الله هو طريق الجنة، أي ليس العمل عوضا أو ثمنا كافيا في دخول الجنة، بل لابد معه من عفوه تعالى ورحمته وفضله ومغفرته، فمغفرته تمحو السيئات ورحمته تأتي بالخيرات، وتضاعف الحسنات ...
وقد ضل فريقان في القدر: أحدهما أخد بالقدر وأعرض عن الأسباب الشرعية، والأعمال الصالحة وظنوا أن ذلك كاف، وهؤلاء يؤول أمرهم إلى الكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله، والفريق الثاني أخذوا يطلبون الجزاء من الله كما يطلب الأجير من المستأجر معتمدين على حولهم وقوتهم وعلهم، وهم جهال ضلال، فمن أعرض عن الأمر والنهي والوعيد ناظرا إلى القدر، فقد ضل، ومن طلب المقام بالأمر والنهي معرضا عن القدر، فقد ضل، بل لابد من الأمرين فكل عمل يعمله العامل ولا يكون طاعة وعبادة وعملا صالحا، فهو باطل، وكل عمل لا يعين الله العبد عليه فإنه لا يكون، لأن تفاصيل الجزاء فلا يدرك إلا بالسمع، والنقول الصحيحة عن المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله ..
[مشيئة الله]
وأما مشيئة الله سبحانه وتعالى، هي تتضن شيئين أولهما الإيمان بعموم