للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نشاطه الاختياري، وأنه كالريشة في مهب الريح، تتقاذفها ذات اليمين وذات الشمال.

ومن قائل: بأن الإنسان مخير (١) غير مسير، وأنه يمارس أعماله الاختيارية بمحض إرادته ومشيئته.

ومن قائل: بأن الإنسان ليس له من أعماله إلا الكسب (٢) أي أن الله يخلق الشيء عند مباشرته- أي أن الله يخلق الشبع عند الأكل، ويخلق المعرفة عند الدراسة، وهكذا وليس للعبد إلا الكسب، وبه يصح التكليف والثواب والعقاب، والمدح والذم، والذي نراه في هذه القضية ونختاره هو ما قروه الإسلام فيما يلي:

[تقرير الإسلام حرية الإرادة]

قرر الإسلام أن الإنسان خلق مزودا بقوى وملكات واستعدادات، وهذه القوى يمكن أن توجه إلى الخير، كما يمكن أن توجه إلى الشر، فهي ليست خيرا محضا، ولا شرا محضا، وإن كانت إرادة الخير في بعض الناس أقوى، وإرادة الشر في البعض الآخر أقوى، وبينهما تفاوت لا يعلمه إلا الله وفي الحديث الصحيح: "كل مولود يولد على الفطرة" وفي الحديث أيضا: "الناس معادن كمعادن الذهب والفضة خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا" (٣) ويؤيد هذا قول الله سبحانه وتعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} (سورة الشمس) أي أن الله خلق النفس مسواة، ومعتدلة قابلة للتقوى والفجور ومستعدة للخير والشر، والله سبحانه زود الإنسان بالعقل الذي يميز به بين الحق والباطل في العقائد، وبين الخير والشر في الأفعال وبين الصدق والكذب في الأقوال، وأعطاه القدرة التي يستطيع بها أن يحق الحق، ويبطل الباطل وأن يأتي الخير ويدع الشر، وأن يقول الصدق، ويجانب


(١) هذا مذهب المعتزلة والإمامية.
(٢) هذا رأي الأشاعرة.
(٣) رواه مسلم- عن أبي هريرة- صحيح

<<  <   >  >>