هو وقف الله عباده قبل انصرافهم من المحشر على أعمالهم خيرا ان كانت أو شرا تفصيلا، وهو مختلف فيه اليسير والعسير، والسر والجهر، والتوبيخ، والفضل، والعدل، يستثنى من لا حساب عليهم، كالسبعين ألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب، وكالمبشرين بالجنة، وحساب الله تعالى الناس بأن يخلق في قلوبهم علوما ضرورية بمقادير أعمالهم من الثواب والعقاب، أو يقف عباده بين يديه، يؤتهم كتب أعمالهم، فيها سيئاتهم وحسناتهم، أو يكلم عباده في شأن أعمالهم، وكيفية ما لها من ثواب، وما عليها من العقاب، وتتسع قدرة الله تعالى لمحاسبتهم جميعا كما اتسعت لإجادهم، وتنظيم شؤونهم {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} وروى الترمذي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربعة: عن عمره فيما أفناه؟ وعن علمه ما عمل به؟ وعن ماله من أين اكتسبه، وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيم أبلاه؟ " وقال حديث حسن صحيح. وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، من نوقش الحساب عذب، فقلت: أليس يقول الله: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا} قال: (إنما ذلك العرض، وليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك). (شرح عبد السلام والعقيدة).
فالله يحاسب عباده على أن يجازي على السيئة بسيئة مثلها المماثلة يحددها هو وحده. ويجازي على الحسنة بعشر أمثالها، وقد يجازي عليها بأكثر من ذلك لأن الناس يتفاوتون في إتقان أعمالهم، والإحسان فيه، كما يتفاوتون في الإخلاص لله تعالى في مثل الصلاة، والصيام، والحج، أما في الصدقة فهم مع تفاوتهم في الإخلاص يتفاوتون أيضا في تحري من يستحقها، فرب قرش يعطى لفقير أفضل عند الله من قرش يعطى لسائل