مذهب أهل السنة والجماعة في القدر وأفعال العباد ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة من أن الله سبحانه هو الخالق لكل شيء من الأعيان والأوصىاف والأفعال وغيرها، وأن مشيئته تعالى عامة شاملة لجميع الكائنات فلا يقع منها شيء إلا بتلك المشيئة، وأن خلقه سبحانه الأشياء بمشيئته إنما يكون وفقا لما علمه منها بعلمه القديم، ولما كتبه وقدره في اللوح المحفوظ وأن للعباد قدرة وإرادة تقع بها أفعالهم وأنهم الفاعلون حقيقة لهذه الأفعال بمحض إختيارهم ولهذا يستحقون عليها الجزاء. إما بالمدح والمثوبة وإما بالذم والعقوبة، وأن نسبة هذه الأفعال إلى العباد فعلا فلا تنافي نسبتها إلى الله إيجادا وخلقا لأنه هو الخالق لجميع الأسباب التي وقعت بها.
الإيمان بالقدر جزء من عقيدة المسلم، وليس معنى الإجبار، قال الخطابي:"قد يحسب كثير من الناس أن معنى القضاء والقدر إجبار الله سبحانه العبد على ما قدره وقضاه، وليس الأمر كما يتوهمون وإنما معناه الإخبار عن تقديم علم الله سبحانه بما يكون من اكتسابات العبد وصدورها عن تقدير منه تعالى، وخلقه لها خيرها وشرها والقدر اسم لما صدر مقدرا عن فعل المقادر".
وعلم الله سبحانه مما سيقع، ووقوعه حسب هذا العلم لا تأثير له في إرادة العبد، فإن العلم صفة انكشاف لا صفة تأثير.
[حكمة الإيمان بالقدر]
وحكمة ذلك: أن تنطلق قوى الإنسان وطاقته لتعرف السنن والقوانين الإلهية، وتعمل بمقتضاها في البناء والتعمير، وفي إستخراج كنوز الأرض، والإنتفاع بما أودع في الكون من خيرات.
وبذلك يكون الإيمان بالقدر قوة باعثة على النشاط والعمل، والإيجابية في الحياة، كما أن الإيمان بالقدر يربط الإنسان برب هذا