من المشكلات التي تواجه العقل- مفهوم الإله وتصوره - فقد اصطدم العقل بهذه المشكلة اصطداما كبيرا، ووقف منها موقف الحائر التائه الذي ضل الطريق وغرق في مجاهل الصحراء.
إن الاستدلال على وجود الله أمر لا يعجز أي عقل أن يصل إليه، وأن يبلغ مرحلة اليقين منه إذ تقوم في مواجهة العقل دلالات واضحة، وشواهد ناطقة تحدث عن وجود الله، وتشهد بجلالته، وعظمته وقدرته ولكن العقل لا يرضى إلا أن يشهد الذات وأن يتعرف عنها ومن أجلهذا أشرف على منطقة الخطر، وصار يتيه ويدور هنا وهناك بلا جدوى ...
ماذا في القرآن عن ذات الله؟ الذات الإلهية في القرآن ليست ذاتا مبهمة أو مجهولة كما أنها ليست محدودة مجسدة ... هي ذات لا كالذوات التي يراها الحس أو يتخيلها الوهم، لأنها لو وقعت في دائرة الخيال- مهما امتد واتسع؟ كانت بهذا المعنى محددة مقيدة وذات الله مع أنها فوف أن تدرك، وفوق أن تحد- قد وصفت في القرآن بصفات كثيرة، كالإرادة والعلم، والقدرة وغيرها، وهي صفات كاملة الكمال المطلق ... ومع هذا فلا تضاف هذه الصفات إلا لذاتاالله. جاء في القرآن الكريم كثير من الآيات كقوله عز وجل:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} ففي هذه الآيات تعريف بذات الله وأنها تخلق وتعلم وكقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}(سورة البقرة ١٨٤). فالله سبحانه وتعالى مريد، وبإرادته تتعلق مصائر الأمور وكقوله تعالى:{اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ * عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ}(سورة الرعد ١٠). في هذه الآيات يعلم، فهو عالم، وهو حكيم، كل شيء عنده بمقدار ...