للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البعثة المحمدية على صاحبها

أفضل الصلاة وأزكى التسليم

بعث الله تعالى نبيه الكريم، ورسوله العظيم سيدنا محمدا - صلى الله عليه وسلم -، على حين فترة من الرسل وفي جاهلية جهلاء لا تعرف من الحق رسما، ولا تقيم للعدل وزنا، لقد اصطفاه الله ليكون رسولا للعالمين، بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا حاملا معه مختتم الرسالات السماوية إلى الناس كافة، وقد أمده الله بالصبر واليقين والعزم، فواجه بها كفار قريش كلهم، صلفهم وكبريائهم وجبروتهم وعتوهم وغرورهم فلم يحفل بتهديدهم ووعيدهم، ولا لان له، فعارضوه ورموه بالزور والبهتان، وبالكذب تاره، وهو الصادق المصدوق لم يجربوا عليه كذبا قط، وتارة يتهمونه بالسحر وهم يعلمون أنه لم يكن من أهله، وتارة يقولون أنه مجنون وهم لا يشكون في كمال عقله، وحاولوا مرارا أن يستنزلوه على طريق عبادتهم ليظفروا منه بالموافقة على الاعتراف باعتقاداتهم الفاسدة، فأبى عليه الصلاة والسلام الا الثبات على أوضح طريق الحق ..

حمل الرسالة السماوية، وواجه بها الناس جميعا متحديا عقائد فاسدة، ومتصديا لقلوب مريضة وعقول مظلمة، وطبائع صلدة متحجرة، فما وهن صلى الله عليه وآله وسم، وما ضعف عن حمل هذه الرسالة، وصبر على ما تنوء به الجبال من الاحمال الشاقة، فلكم لقى من السفهاء والحمقى والطغاة الظالمين من بغي وعدوان؟ كيف به وقد بلغ بصبره وجهاده وعزمه ما أراد الله لدعووته أن تبلغ؟ وهكذا ما انفك يدعو إلى الله فيأتي إليه الواحد بعد الواحد متسللين مختفين خوفا من اعتداء الكفار عليهم، ولما اشتدت معارضة كفار قريش لدعوة الإسلام، وتكالبت على الرسول وأصحابه قوى الشر والطغيان خاف على الدعوة أن يمسكها المشركون على أن تبلغ غايتها، وتملأ أسماع الناس بهديها، وتفتح مغالق القلوب بنورها، فخرج مهاجرا من البلد الحرام حاملا لهذه الرسالة الربانية ثم خاض غمار الحروب في سبيلها، فكان - صلى الله عليه وسلم - يتقدم صفوف الأبطال والفرسان ..

<<  <   >  >>