للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[من ثمرة العقل معرفة الله الضرورية والمكتسبة]

من أشرف ثمرة العقل معرفة الله تعالى وحسن طاعته والكف عن معصيته وعلى ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: "العقل ثلاثة أجزاء: جزء معرفة الله، وجزء طاعة الله، وجزء الصبر عن معصية الله" (١)، وقال عليه الصلاة والسلام: "الإيمان عريان ولباسه التقوى وزينته الحياء، وماله العفة، وثمرته العلم".

فمعرفة الله العامة مركوزة في النفس وهي معرفة كل أحد أنه مفعول وأن له فاعلا فعله ونقله.

وأما معرفة الله المكتسبة، فمعرفة توحيده وصفاته، وما يجب ان يثبت له من الصفات وما يجب أن ينفى عنه، وهذه المعرفة هي التي دعت إليها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ولهذا قالوا كلهم: قولوا لا إله إلا الله، ولم يدعوا إلى معرفة الله تعالى، بل دعوا إلى توحيده، وهذه المعرفة هي المكتسبة، وتكون على ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: لا يكاد يدركه إلا نبي وصديق وشهيد ومن داناهم وأنها تكون بالنور الإلهي بحيث لا يعتريه شك كما قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} (سورة الحجرات).

والوجه الثاني: يدرك بغلبة الظن، أعني الظن الذي يفسره أهل اللغة باليقين كما قال تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (سورة البقرة).

الوجه الثالث: يدرك بخيالات ومثل وتقليدات فيقول الله في حق هذا الصنف من الناس: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} (سورة يوسف).


(١) رواه أبو نعيم عن أبي سعيد مرفوعا- وفي إسناده- سليمان بن عيسى- وضاع.

<<  <   >  >>