للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الإيمان بكتب الله المنزلة]

الإيمان بكتب الله هو التصديق الجازم بأن لله كتبا أنزلها على أنبيائه ورسله، وهي من كلامه حقيقة، وأنها نور، وهدى، وأن ما تقتضيه حق وصدق، ولا يعلم عددها إلا الله ويجب الإيمان بها جملة إلا ما سمي منها، وهي التوراة والإنجيل، والزبور، والقرآن، وصحف إبراهيم وموسى. قال تعالى: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ * مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ}. وقال: {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} وقال-: {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} (سورة النجم) وقال: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} (سورة الأعلى). فيجب الإيمان بها على التفصيل، والبقية إجمالا.

فهذه الكتب المنزلة من عند الله على أنبيائه ورسله يلتقى فيها النبي بقومه، وهي مجال الدعوة، ومركز الثقل فيها، وفي هذا المجال يشتد الصراع، وتحتدم الخصومات وتجتمع قوى الشر وجنود الباطل لتخفت صوت الحق، ولتطفيء نور الله {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (سورة الصف).

وفي سبيل الدعوة إلى الله، والتعريف به إحتمل أنيياء الله ورسله الكرام من أشد ما عرف الناس من ألوان الأذى أن يهنوا أو يضعفوا أو يستذلوا. إنها رسالة لا يقوم لها، ولا يستقل بحملها إلا أولوا العزم الموصولون بأسباب السماء، والموصوفون برعاية الله وتأييده. ولهذا لم يكن رسل الله إلا الصفوة المختارة من عباده. قد اصطفاهم اله لهذه الرسالة وأعدهم لهذا الأمر العطيم، والله أعلم حيث يجعل رسالته.

ومع هذا فإن الرسل بشر تظهر عليهم أعراض البشرية، وتتجلى فيهم خصائصها: الجسدية، والنفسية، والروحية. فهم يألمون كما يألم الناس، ويضيقون، ويحزنون، ويفرحون، ويغضبون، ويحلمون، ولكنهم في جميع الأحوال التي تتقلب بالناس- هم على أكمل الكمال الذي تتسع له

<<  <   >  >>