ويجزى به، والشاهد والحس والبديهة كفيلة ببيان أن للإنسان عملا صادرا عن ذاته ...
فترى الطفل لأول عهده بالكتابة يحرك يده بالقلم فلا يكاد يقيم حرفا، وكلما ازداد تدريبا جاد خطه ووضحت كتابته، والصانع المبتدئ كثير الأخطاء وكلما مضى في الصناعة قلت أخطاؤه ...
والمبتدئ في تعلم الخطابة لا يكاد يقيم لسانه، فإذا أشتد إستقام لسانه بعض الشيء، فإذا حذق الفن جاد بيانه وأنطلق لسانه، ونرى من أنفسنا الخطأ والنسيان والضلال، والخضوع لوسوسة الشيطان، واقتراف الفحشاء والمنكر، والبغي والظلم والعدوان وغير ذلك من المعاصي والآثام. ثم التوبة والإستغفار والندم مما لا تصح نسبته الى الله حقيقة ولا مجازا، ولا يجوز عقلا ولا شرعا ولا أدبا، ولا ذوقا أن بنسب إلا الى فاعله المسؤول عنه المحاسب عليه المجزي به ..
قال الله عزوجل:{وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا}(سورة النساء)، هذه الآية أسند الله فيها الى العبد عمل السوء وظلم النفس والإستغفار، وأسند الى نفسه المغفرة والرحمة فأسند الى الله ما أسند الى نفسه، ولنسند الى العبد ما أسند الله إليه وليس علينا في ذلك جناح ولو تدبرنا القرآن كله لوجدناه على هذه الشاكلة: فلم يقولون يخلق العبد أفعال نفسه، ثم يختلفون؟ أما إنهم لو قالوا كما قال الله تعالى: (يفعل أو يعمل أو يكسب أو يقترف ما اختلفوا، وإذا كانوا جميعا متفقين على أن أعمال العباد اختيارية قدرها الله أن تكون لهم فما بالهم يحاولون نسبتها الى الله تعالى.
[أمر الله]
رجل تنكب طريق الحق، وحاد عن الرشد، وضل عن قصد السبيل، فما يكون جوابه إلا أن يقول- هذا أمر الله- وهذا كذب على الله، وافتراء عليه والله تعالى يقول: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ