تقوم العقيدة الإسلامية على ثلاث دعائم كلها يسلم العقل بها، ويقوم الدليل المستمد من البديهة عن صحته، وليس فيه مجال لوهم ولا خرافة هي: الوحدانية والإيمان بالغيب، والرسل أجمعين ...
فأول هذه الدعائم- الإيمان بواحد أحد هو الفرد الصمد، ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير هو منزه عن مشابهة الحوادث لأنه غيرها، ولا تتحقق هذه المغايرة إلا إذا كان من غير جنسها. هو خالقها ومبدعها، والشيء لا يخلق بعضه بعضا، فهو ليس جسما من الأجسام، وليس عرضا من الأعراض لأنه خالقها وخالق كل شيء، وهو فوق كل شيء، وليس له مكان يحده، لأن المكان هو الذي يحدد الأجسام وليس مركبا من أجزاء كما نتركب، فهو واحد في ذاته، وواحد في صفاته، قد اختص وحده بالأشياء والتكوين، فهو بديع السماوات والأرض، ليس بوالد ولا مولود، وقد خلق الأسباب والمسببات، ونظم الكون بحكمته، وسيره بإرادته، وأبدع نواميسه بقدرته، وهو وحده المستحق للعبادة، وليس في خلقه ما يحل هو فيه لأنه ليس جسما يحل في غيره.
التوحيد هو العماد الأول والأقوى للإسلام وتعاليم القرآن، والذي شغلت الدعوة إليه وتقريره حيزا كبيرا ينادي بتحرير الإنسان من سيطرة الأوهام والخرافات والخضوع لما لا يملك ضرا ولا نفعا، والتوسل بالوسائل الزائفة لحماية نفسه، واتخاذ الناس بعضهم بعضا أربابا من دون الله كما هو بارز في آيات عديدة من القرآن، قال تعالى:{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}(سورة آل عمران)، وقال في (سورة الزمر): {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ * وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ * وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ