الذكر هو ما اشتمل على تلاوة القرآن- وهو أفضلها- وذكر اسم الجلالة، وتسبيح وتقديس واستغفار، ودعاء وصلاة على الني - صلى الله عليه وسلم -، ذكر الله هو تذكره في استحضار جلاله، وعظمته، وقدرته وكل ما له - سبحانه من صفات الجلال والكمال ... فإذا ذكر الإنسان ربه واستحضر جلاله وعظمته كان من هذا الذكر في ظل ظليل من جلال الله وعظمته، وفي حماه ورعايته، وفي عصمته:{وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}(سورة آل عمران ١٠١).
فالذي يذكر الله وهو موقن به طامع في رحمته معتصم بجلاله محتم بحماه لائذ بفضله عائذ به من هموم الدنيا، ومن ظلم الظالمين وبغي الباغين يكون قريبا منه سامعا دعاءه مستجيبا له قال تعالى:{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} وقال: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} وقال جل شأنه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}(سورة البقرة ١٨٦). وليس ذكر الله الذي تطمئن به القلوب، هذا الذكر الذي تردده الألسنة ترديدا آليا، دون أن يكون نابعا من القلب، ذافئا بحرارة الإيمان، منطلقا بقوة اليقين، فمثل هذا الذكر لا يعدو أن يكون أصواتا مرددة، أشبه بالجثث الهامدة، لا روح فيه، ولا معقول له ومن هنا تكون آفته فلا يطمئن به قلب، ولا ينشرح له صدر ...
أما الذكر الذي يقول فيه سبحانه وتعالى:{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ} ثم يؤكد بقوله: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} فهو الذكر الذي ينبع عن إيمان، فتهز له المشاعر تثلج به الصدور ولهذا قدم الله سبحانه وتعالى الإيمان على الذكر حتى يكون للذكر أصل يرجع إليه، ومنطلق ينطلق منه وهو الإيمان، ولا يكون الذكر لله