قال تعالى:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}(سورة الأنعام). قال الحافظ بن كثير يأمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يخبر المشركين الذين يعبدون غير الله ويذبحون لغيره، أنه مخالف لهم في ذلك، لأن المشركين يعبدون الأصنام ويذبحون لها، فأمره الله تعالى بمخالفتهم والانحراف عما هم فيه، والانقياد بالقصد والنية والعزم على الاخلاص لله تعالى. قال مجاهد: النسك هو الذبح في الحج والعمرة. قال الإمام ابن تيمية أمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يجمع بين هاتين العبادتين، وهما الصلاة والنسك، الدالتان على القرب أو التواضع والافتقار، وحسن الظن، وقوة اليقين، وطمأنينة القلب إلى الله وإلى عبادته، عكس حال أهل الكبر والأنفة وأهل الغنى عن الله تعالى الذين لا حاجة لهم في صلاتهم إلى ربهم، والذين لا ينحرون له خوفا من الفقر ولهذا جمع الله بينهما في قوله:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} وعن علي رضي الله عنه قال: "حدثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأربع كلمات: لعن الله من ذبح لغير الله لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوى محدثا، لعن الله من غير منار الأرض" رواه مسلم.
اللعن: هو البعد عن مظان الرحمة ومواطنها، واللعين هو الملعون من حقت عليه اللعنة أو دعى عليه بها. قال صاحب النهاية (أصل اللعن الطرد والإبعاد من الله، ومن الخلق السب والدعاء، وفي الحديث جواز لعن أهل الظلم من غير تعيين، وأما لعن الفاسق المعين ففيه قولان: أحدهما أنه جائز إختاره ابن الجوزي وغيره، والثاني أنه لا يجوز، اختاره أبو بكر عبد العزيز وشيخ الاسلام رحمهما الله تعالى، وهو المتجه جميعا بين الروايات، وقوله: (محدثا) روي بكسر الدال المهملة وبفتحها، فعلى الأول معناه نصر جانبه وآواه، وأجاره من خصه، وحال بينه وبين من يقتص منه، وعلى الثاني هو الأمر المبتدع نفسه ومعنى إيوائه الرضا به، والصبر عليه، فإنه إذا رضي بالبدعة، وأقر فاعلها، ولم يترك عليه فقد