للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[من الشرك أن يستغيث المكلف بغير الله أو يدعو غيره]

الإستغاثة هي طلب الغوث، وهي إزالة الشدة، والإستعانة: طلب العون، قال بعض العلماء: الفرق بينها وبين الدعاء أن الاستغاثة لا تكون إلا من المكروب والدعاء أعم منه، فيجتمعان في مادة وينفرد الدعاء عنها في مادة، فكل استغاثة دعاء، وليس كل دعاء استغاثة، والدعاء نوعان: دعاء عبادة، ودعاء مسألة، فدعاء مسألة هو طلب ما ينفع الداعي من جلب نفع أو كشف ضر، ولهذا أنكر الله على من يدعو أحدا من دونه ممن لا يملك ضرا ولا نفعا كقوله تعالى: {قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا} ...

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه في الرسالة السنية: إذا كان على عهد الني - صلى الله عليه وسلم - ممن انتسب إلى الإسلام ومرق منه مع عبادته العظيمة فليعلم أن المنتسب إلى الإسلام والسنة بهذه الأزمان قد يمرق أيضا من الإسلام لأسباب: منها: الغلو في بعض المشائخ كما غالت النصارى في المسيح عليه السلام فكل من غلا في نبي أو رجل صالح، وجعل فيه نوعا من الإلهية مثل أن يقول: يا سيدي فلان أنصرني وارزقني وعافني، أو أنا في حفطك وحمايتك ورعايتك، ونحو هذه الأقوال، فكل هذا شرك وضلال، يستتاب صاحبه فإن تاب وإلا قتل، فإن الله سبحانه إنما أرسل الرسل، وأنزل الكتب ليعبدوه وحده، لا شريك له ولا يدعون معه إلها، والذين يدعون مع الله إلها آخر مثل المسيح والملائكة والأصنام لم يكونوا يعبدونهم ويعبدون قبورهم، أو يعبدون صورطم، يقولون إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى، ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله فبعث الله سبحانه رسله تنهى أن يدعو أحد من دونه لا دعاء عبادة ولا دعاء استغاثة واستعانة: قال ومن جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم كفر إجماعا، نقله عنه صاحب الفروع، وصاحب الإنصاف، وصاحب الإقناع وغيرهم ..

<<  <   >  >>