للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن تيمية رحمه الله: اعلم أن الاستغاثة في الأسباب الظاهرية العادية في الأمور الحسية في قتال أو إدراك عدو أو سبع أو نحوه تجوز، كقولهم يا لزيد للمسلمين، بحسب الأفعال الظاهرة وأما الإستغاثة بالقوة والتأثير أو في الأمور المعنوية في الشدائد، كالمرض والغرق والضيق والفقر وطلب الرزق ونحوه، فمن خصائص الله لا يطلب فيها غيره، والله أعلم ..

نقلوه عنه في الرد على ابن جرجيس ...

قال الله عز وجل: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}. وقال: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ}. وقوله: {فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} وقوله: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} ...

وقوله: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ... } الآية، قال ابن جرير: في هذه الآية: ولا تدع يا محمد من دون معبودك ولا خالقك شيئا لا ينفعك في الدنيا ولا في الآخرة، ولا يضرك في دين ولا دنيا - يعني بذلك الآلهة- يقول: لو عبدتها راجيا نفعها، أو خائفا ضرها، فإنها لا تضر ولا تنفع، فإن فعلت ذلك ودعوتها من دون الله فإنك إذا من الظالمين، أي المشركين بالله، والله أعلم، وحاشا الرسول أن يفعل ذلك إلا أن الخطاب خاص اللفظ عام المعنى، فالله تعالى لا يخاطب الرسول - صلى الله عليه وسلم - وإنما يخاطب من حوله من الناس، ودلت هذه الآية على أنه سبحانه هو المتفرد بالملك والقهر، والعطاء والمنع، والضر والنفع دون كل ما سواه، فيلزم من ذلك أن يكون هو المدعو وحده فإن العبادة لا تصلح إلا لمالك النفع والضر ولا يملك ذلك ولا شيئا مما هنالك غيره كائنا من كان من أوليائه أو أعدائه، فهو المستحق للعبادة والدعوة وحده دون من لا يضر ولا ينفع، فالخطاب في هذه الآية للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولكنه عام للأمة .. والمقصود

<<  <   >  >>