النوع الاول: لا يستطيع الإنسان دفعه مهما يكن له من القوة والبطش، ولابد أن ينفذ، وأنف الإنسان راغم.
النوع الثاني: لا يمكن للإنسان أن يقاومه كل المقاومة، ولكن يمكنه تخفيف حدته، وتلطيف شدته.
النوع الثالث: نوع جعل الله في وسع الإنسان أن يدفعه بل أوجب عليه أن يدفعه، وأن يبذل في سبيل ذلك كل ما يملك من قوة وجهد. وهذا إجمال يحتاج الى تفصيل: ..
النوع الأول:
أما القدر الذي هو وراء قدرة الإنسان، ولا تناله قوته، ولا يستطيع دفعه مهما يكن له من قوة وسلطان فهو القدر المتصل بنواميس الكون، وقوانين الوجود وهو االقدر الغالب إبتداء وإنتهاء، فليس في وسع الإنسان أن يوقف دورة الفلك، أو يأتي بالربيع مكان الخريف، أو بالشتاء مكان الصيف، أو يعطل جاذبية الأرض.
ومن ذلك سنن الوجود: أن يولد الإنسان دون غيره، ومن فلانة دون غيرها، وأن يكون أبيض اللون أو أسمره، طويل القامة أو قصيرها، ذكيا أو غبيا، الى غير ذلك من الأقدار التي ليس للإنسان يد في إحداثها ولا قدرة له على، تغييرها ...
ومن أجل ذلك لم يكلف الله الناس شيئا بهذا لأنه لم يكن في وسع أحد أن ينهض به، ويلحق بهذا النوع. المصادفات البحتة التي لابد للإنسان في إحداثها، والتي لم يأت الخير فيها بجده، ولا الشر بسعيه، كأن علق شخص آماله على إنسان فمات، أو وضع ماله في حرز أمين فاحترق أو وافته صفقه تجارية ما كان ينتظرها فربح منها مالا كثيرا، أو غير ذلك