للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[محبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم]

يجب علينا- أيها المسلمون- أن يكون الرسول المحبوب لنا أسوة حسنة كما قال الله عز وجل: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}، هذه الأسوة تمثلت في أخلاق الرسول صلوات الله وسلامه عليه، حتى فاضت على أصحابه لأن الله تولى أدبه كما أخبر هو عن نفسه قال: "أدبني ربي فأحسن تأديبي" (١) وأخبر الله عن أخلاقه في كتابه الكريم فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} وقال أيضا: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} سئلت السيدة عائشة عن أخلاق الرسول - صلى الله عليه وسلم - قالت: "كان خلقه القرآن" (٢).

الأخلاق متفاوتة بين الناس، وأخلاقه في الذروة منها، وأنها على درجات، والقرآن يذكر هذه الدرجات فيقول: فمنهم مقتصد، ومنهم سابق بالخيرات، أو ثلة من الأولين وقليل من الآخرين، أو درجة المقربين السابقين أو العافين عن الناس الله يحب المحسنين. ولاشك أن رسول الله في أعلاها والقرآن الكريم يحدد هذه الدرجة التي تكلمت عليها السيدة عائشة بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} ما هو هذا الخلق - قيل هو القرآن، أو الإسلام، أو الطبع الكريم، أو لا همة لك إلا الله هل هذا الخلق يشاركه فيه أحد من الأنبياء والملائكة، أم خاص برسول الله - صلى الله عليه وسلم - كإبراهيم عليه السلام إن إبراهيم لحليم أواه منيب، أو كسيدنا إسماعيل وكات عند ربه مرضيا، أو كسيدنا عيسى عليه السلام وقد جعله الله مباركا، أو الملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، لكن القرآن يحسم الأمر في ذلك، ويبين صاحب الخلق الأعلى وهو النبي محمد المبعوث إلى الناس كافة وخاتم الأنبياء، وأول المسلمين على الإطلاق فقال: {إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (سورة الأنعام) هذه


(١) قال فيه ابن تيمية: المعنى صحيح- لكن لا يعرف له إسناد ثابت.
(٢) رواه أحمد وأبو داود عن عائشة. ومسلم عن حكيم بن حزام بلفظ مشابه.

<<  <   >  >>