الله له، ومن اتجه الى الشر وتعلق بوسائله: ولاه الله ما تولى، وتركه وما أختار كما أن من حرث التبن زرع الله له التبن، ومن حرث الشوك زرع الله له الشوك، وكل يجني ما غرست يداه، ولا يظلم ربك أحدا.
[التوفيق والخذلان]
جاء في القرآن الكريم قوله تعالى حكاية عن شعيب عليه السلام:{وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}(سورة هود)، ونسمع يدعون لبعضهم بعضا وفقك الله، أو كتب لك التوفيق، أو أدام الله توفيقك، وأمثال هذه الدعوات. فما معنى هذا التوفيق؟ إن العبد مهما يؤت من العلم والفطنة والذكاء والمعرفة ومهما تواته التجارب والإختبارات فإن وراء علمه علما لا حد له ولا غاية، ذلك هو علم الله الذي إذا قيست جميع علوم البشر ومعارفهم وتجاربهم إليه كانت هباء، بل لم تكن شيئا مذكورا قال تعالى:{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}(سورة الاسراء)، وقال أيضا:{يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}(سورة البقرة)، قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ}(سورة آل عمران). إذا علم الإنسان قاصر منقوص مهما يتسع أفقه، ولقصور علمه يتمنى أمرا تكون فية أمنيته، وقد ينفر من شيء يكون له فيه كل الخير ...
قال تعالى:{وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}(سورة البقرة)، وقال أيضا:{فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}(سورة النساء)، وإذا تقرر هذا قلت إن التوفيق عناية خاصة يتولاها رب العزة لبعض عباده فضلا منه ونعمة فيجعل أعمال هذا العبد ومساعيه موافقه لأسباب ظفره بالخير الذي يجهل طرقه ..
فإذا تفضل العليم الحكيم سبحانه على عبده بهذه العناية فإنه يهيء له وسائل النجاح وإصابة الخير، ما لا يبلغه بعلمه، ولا بإرادته، ولا بقدرته،