العقل في الإسلام له دور فعال في الإيمان بالله عز وجل، وفي الحياة ونظامها، وفي القرآن الكريم آيات كثيرة تحث المؤمن على تحكيم عقله، أو يلام فيها على إهماله ...
ولقد حدد الإسلام دور العقل، فمن وظيفته أن يفهم الرسالة التي جاء بها سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - فيتلقى عنه دلائل الهدى وموجبات الإيمان في الأنفس والآفاق.
العقل ليس أصلا لثبوت الشرع، فإن الشرع منزل من عند الله ثابت بنفسه. سواء علمناه بعقولنا أم لم نعلمه وهو مستغن في نفسه عن علمنا وعقلنا إلا أننا محتاجون إليه حتى نعلمه بعقولنا، فإن العقل إذا علم ما هو عليه الشرع صار عالما، وإذا لم يعلمه كان جاهلا. والمنقول الصحيح من الآيات والأحاديث لا يعارضه العقل كمسائل التوحيد و (عقائد) صفات الإله، والنبوات والمعاد والرسل عليهم السلام. لا يخبرون بمخالفة العقل، وإنما يخبرون بما عجز عنه، وليس دور العقل أن يكون حاكما على الدين ومقرراته من حيث الصحة والبطلان، والقبول والرفض بعد أن يتأكد من صحة صدورها عن الله، إلا أنه ملتزم بأحكام الدين إذا بلغت إليه عن طريق صحيح ...
إن الإسلام دين العقل بمعنى أنه يخاطبه بمقتضاه ومقرراته، ولا يقهره بخارقة مادية لا مجال فيها إلى الإذعان، ويخاطب العقل بمعنى أنه يصحح له مناهج النظر ويدعوه إلى تدبر دلائل الهدى وموجبات الإيمان والنظر في الأنفس والآفاق، ويخاطب العقل بمعنى أنه يكل إليه فهم مدلولات النصوص التي تحمل مقرراته، ولا يفرض عليه أن يؤمن بما لا يفهم مدلوله ولا يدركه، فإذا وصل العقل إلى مرحلة إدراك المدلولات وفهم المقررات، ولم يعد أمامه إلا التسليم بها فهو مؤمن، وعدم التسليم بها فهو كافر.
العقل ميزان صحيح غير أنك لا تستطيع أن تزن به أمور التوحيد والآخرة وحقيقة النبوة، وحقائق الصفات الإلهية وكل ما وراء الطبيعة ...