إلا إذا كان مشتملا على صفات الكمال والجلال لله عز وجل، فذلك هو الذي يفيض على القلب خشية، وهو الذي يستنير مشاعر الولاء لله، والاخبات له، فتقشعر الجلود وتدمع العيون، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ}(سورة الأنفال آية ٢).
فإذا ذكر المؤمن ربه واستولت عليه تلك المشاعر قرب من الله ودنا من مواقع رحمته، وأحس ببرد السكينة يغمر قلبه، ووجد ريح الأمن والطمأنينة تهب عليه معطرة الأنفاس زاكية الأرواح.
فإذا ذكر الإنسان ربه هذا الذكر الذي يدنيه من ربه، الذي يشهد منه ما يشهده من جلاله وعظمته وقدرته ارتفع عن هذا العالم الترابي واصتصغر كل شيء فيه، فلا يأسى على فائت، ولا يطير فرحا، ولا يأشر بطرا، بما يقع ليديه من حطام هذه الدنيا، وهذا هو الإطمئنان الذي يسكن به القلب وتقر العين حيث لا حزن ولا جزع ولا خوف!!!.
إن الداء الذي يغتال أمن الناس، ويقض مضاجعهم هو ما يدخل عليهم من هموم الدنيا، وما يشغلهم من توقعات الأمور فيها ...
وانه لا دواء لهذا الداء إلا باللجوء إلى الله والفزع إليه، وذلك بذكره وذكر سلطانه المبسوط على هذا الوجود، وأمره القائم على كل موجود ألا له الخلق والأمر .... تبارك الله رب العالمين.
وفي قوله تعالى:{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ}.
وفي التعبير عن الإيمان بالفعل الماضي (آمنوا) وعن الإطمئنان بفعل