المستقبل (تطمئن) في هذا إشارة الى أن الإيمان حال لا يحول عنها المؤمن وانه لا يوصف بالإيمان إلا إذا كان مؤمنا، بخلاف الإطمئنان فإنه غير ملازم للمؤمن في كل حال، وإنما الإطمئنان عند ذكر الله.
وكلما ذكر المؤمن ربه يطمئن قلبه إذا كان حاضر القلب.
يحسن للذاكر أو الداعي أن يذكر اسم الله للحالة التي يناسبها ذلك الاسم. مثلا: إن كان الإنسان في مواجهة مرض في نفسه، أو نفس من يحب ذكر الله الرحمن الرحيم، وذكر قدرته على كشف هذا الضر. وإذا كان في يد سلطان جائر، أو عدو متسلط قاهر ذكر الله القوي القاهر الجبار المنتقم فرآه ذلك مآل هذا السلطان، وصغر شأن هذا العدو.
وهكذا يذكر الذاكر ربه فيشعر في قلبه بقوة الله وقدرته على حمايته من كل بلاء فيطمئن قلبه وتسكن جوارحه. وهذا ما يشير اليه قوله تعالى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}(سورة الأعراف ١٨٠).
فالاسم الذي تدعو الله به تجد له في نفسك أثرا يبعد عنك هما أو حزنا أو خوفا أو ضعفا أو انكسارا فتشملك الطمائينة الكاملة فلا ترى الناس من حولك إلا سائلين فضله ورضوانه.
قال الله عز وجل:{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}(سورة البقرة ١٥٢)، فالله سبحانه لا ينسى حتى يذكر فيذكر، بل هو يذكرنا دائما ذكرناه أو لم نذكره.
ولكن المراد بذكره لنا هنا إذا ذكرناه وجدناه حاضرا في قلوبنا وعقولنا ولكن هذا الحضور لا نحس به ولا نتأثر له. فإذا ذكر المؤمن ربه وجده تجاهه ذكر ربه وأشرف عليه بنوره السني البهي.
وفي الحديث الشريف القدسي:"من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ومن أتاني يمشي أتيته هرولة"(١).
(١) رواه أحمد في مسنده- والشيخان- الترمذي- ابن ماجه- عن أبي هريرة- وهو صحيح- اخرجه الترمذي بصيغة المفرد ورده إلى صيغة الجمع.