تبعة ما جنوا من أوزار {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا} وهذا أقبح ما انتهى إليه جهل الجاهل وغفلة الغافل، وحمق الأحمق وغباء الغبي.
إذا أغرى الشيطان الإنسان بالنكر أو زين في قلبه القعود عن صالح العمل، ولوح له بالقدر يتخده تكأة يتكئ عليها، وعذرا يعتذر به، فعليه أن يدفعه بذكر الأمر والنهي، وأن يقول له في حزم وتبصر، إن الشريعة المطهرة ما أنزلها الله إلا ليسلح بها المكلفين ليدافعوا الأقدار، وليعلمهم كيف يدفعونها بأقدار مثلها، فمن شق أمواج الأقدار بسفينة الأمر والنهي وصل الى ساحل النجاة، وسلم من المعاطب ونجا من الأخطار ...
لولا أن الإنسان يشعر كل الشعور بأنه مختار فيما يأتي وما يدع، ولولا أن الطاعات في وسعه وفي قدرته ما نزلت الشرائع، ولا جاءت الأوامر والنواهي، ولا أرسل الله الرسل، ولا أنزل الكتب، ولا أنذر، ولا بشر ولا رغب، ولا حذر، ولا جعل جنة ونعيما ولا نارا وجحيها، لو كان الإنسان مجبرا على أعماله الإختيارية لبطل الثواب والعقاب، والتأديب والتهذيب، والنصح والإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة الى الخير والصد عن الشر ..
ومما لاشك فيه أن الإنسان يشعر بأنه تام الإختيار في فعل ما يفعل، وترك ما يترك، وكثيرا ما يتردد بين عملين، فيفكر ويتروى، ويوازن بين نتائجهما حتى إذا تبين له فضل أحدهما على الآخر آثره ومضى فيه.
وقد اتفق المختلفون على أن هذه الأعمال تسمى أعمال الإنسان الإختيارية أي الصادرة عنه بمحض اختياره، ولا يماري في ذلك منهم أحد.
ولو نظرنا الى القرآن الكريم لوجدناه دالا كله على أن للإنسان اختيارا لا يكاد القارئ ينشر المصحف على أية صفحة من صفحاته حتى يجد الآيات تنطق بأن للإنسان عملا أو فعلا أو كسبا، أو سعيا وأنه مسؤول عن عمله