للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقوم لهم وجودهم المعوج، ويضيىء لهم طريقهم المظلم، ثم لا يلبث أن يخلفه فيهم رسول، ويخلفه رسول وهكذا ...

حتى إذا بلغ الكتاب أجله، وأراد للناس أن يستقلوا بوجودهم وأن يفكروا لأنفسهم بعدما بلغوا الرشد، وصاروا في عداد الرجال كانت رسالة الإسلام، وكان رسولها الأمين محمد بن عبد الله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخاتم النبيئين ...

ومن هنا ندرك السر في أن الرسالة الإسلاميه كانت رسالة عقلية منطقية تخاطب العقل، وتقنعه عن طريق الحجة القائمة على البراهين الإستدلالية التي يستقيم تفكير الناس جميعا.

إن الرسالة الإسلامية لم تستند إلى معجزة قاهرة تطغى على عقول الناس، وتغتال تفكيرهم، وتشل إرادتهم حين لا يملكون لها ردا، ولا يستطيعون لها نقضا، وإنما استندت إلى الكلمة، وما فيها من عقل منطق. فلم تطلب من الناس أكثر من أن يتفكروا، وأن يستخذموا عقولهم المعطلة، فإنهم إن فعلوا ذلك فلن تبعد بينهم وبين الرسالة الإسلامية شقة الخلاف بل إنهم والرسالة سيلتقيان على طريق واحد إذا فكروا وأخلصوا التفكير ...

{قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} (سورة سبأ).

هذا هو عنوان الرسالة الإسلامية، وهذا هو مفتاحها استخدام العقل، واحترام معطياته ليستعمل الإنسان عقله وليفكر فيها تحمل الرسالة الإسلامية من مفردات ليفكر وحده، بينه وبين نفسه متأملا متعمقا أو ليفكر مع غيره، يعرض الأمر ويقلبه، مؤيدا أو معارضا إنه في كلا الحالين سيصل إلى مقررات إن لم تكن حقا خالصا فهي أقرب شيء إلى الحق.

فالعقل في مواجهة الرسالة الإسلامية محمول على أن يفكر وأن يتحرك في كل مجالاته غير مقيد بشيء، أو مشدود إلى شيء، بل إن الرسالة

<<  <   >  >>